Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 111-111)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَوْمَ تَأْتِي } { يَوْمَ } ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله ( اذكر ) ، والأمر للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي اذكر يا محمد لقومك ، أهوال الآخرة وما يقع فيها ، لعلهم يعتبرون . قوله : ( تحاج ) أي تخاصم وتسعى في خلاصها . قوله : { عَن نَّفْسِهَا } إن قلت : إن ظاهر الآية مشكل ، لأنه يقتضي أن النفس لها نفس وليس كذلك . أجيب : بأن المراد بالنفس الأولى ، الإنسان المركب من جسم وروح وحقيقة ، والمراد بالنفس الثانية ، الذات المركبة من جسم وروح غير ملاحظ فيها الحقيقة فاختلفا بالاعتبار ، فكأنه قال : يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته ولا يهمه غيره ، والمراد بالمجادلة الاعتذار بما لا يقبل منهم ، كقولهم : والله ربنا ما كنا مشركين ، روي عن ابن عباس أنه قال : ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة ، حتى يخاصم الروح الجسد ، فيقول الروح : يا رب لم يكن لي يد أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ، ولا عين أبصر بها ، فضعف عليه العذاب ، فيقول الجسد : يا رب أنت خلقتني كالخشبة ، ليس لي يد أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ، ولا عين أبصر بها ، فجاء هذا الروح كشعاع النور ، فيه نطق لساني ، وبه أبصرت عيناي ، وبه مشت رجلاي ، فيضرب الله لهم مثلاً ، أعمى ومقعداً دخلا حائطاً أي بستاناً فيه ثمار ، فالأعمى لا يبصر الثمر ، والمقعد لا يتناوله . فحمل الأعمى المقعد فأصابا الثمر ، فعلى من يكون العذاب ؟ ؟ قالا : عليهما ، قال : عليكما جميعاً العذاب . إذا علمت ذلك ، تعلم أن هذا الوعيد خاص بالكافر ، وأما المؤمن فهو في أمن وأمان ، لا يحزنه الفزع الأكبر ، وإن كان يحصل له الخوف من جلال الله وهيبته ، لأن الله تعالى سبحانه وتعالى في ذلك اليوم ، يتجلى بالجلال على عباده ، فيخاف المسلمون والمشركون ، فالمشركون يخافون من العذاب اللاحق لهم ، والمسلمون يخافون من هيبته تعالى ، وإن كانوا مطمئنين بالإيمان . قوله : ( لا يهمها غيرها ) أي لشغلها بهمها . قوله : { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } ( شيئاً ) أي لا يعذبون من غير ذنب ، أو المراد لا ينقصون من أجورهم شيئاً ، والأول أولى ، لأن نفي النقص من الأجر علم من قوله : { وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } .