Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-30)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ } مقابل قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] والقائل وفود العرب القادمين على مكة للبحث عن حال القرآن وحال محمد ، فكانوا إذا صادفوا المسلمين سألوهم وقالوا لهم { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } ، وإذا صادفوا الكفار سألوهم . قوله : { مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] فكل إناء بالذي فيه ينضح . قوله : { مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } { مَاذَا } بتمامها اسم استفهام مفعول مقدم لأنزل ، وحينئذ فتكون الجملة فعلية ، وهو أنسب ليطابق الجواب السؤال ، فإن الجواب جملة فعلية أيضاً ، لأن { خَيْراً } مفعول بفعل محذوف ، تقديره أنزل خيراً ، بخلاف ما تقدم ، فإن ما اسم استفهام ، وذا اسم موصول ، و { أَنْزَلَ } صلته ، فالجملة اسمية لمطابقة الجواب ، فإنه مرفوع باتفاق السبع ، وما هنا منصوب باتفاق السبع ، والحكمة في رفع الأول ونصب الثاني ، الفرق بين جواب المقر ، حيث طابق بين السؤال والجواب ، فجعلهما من جنس واحد ، وجواب الجاحد حيث عدل عن السؤال فقال : هو أساطير الأولين ، وليس من الإنزال في شيء . قوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } هذا بيان لقوله : { خَيْراً } كأنهم قالوا : أنزل ربنا من أحسن في الدنيا بالطاعة ، فله حسنة في الدنيا ، وحسنة في الآخرة . قوله : ( حياة طيبة ) أي وهي تختلف باختلاف الاقبال على الله وعدمه ، فكلما زاد العبد في الاقبال على ربه طابت حياته ، فيزداد ترقياً في القرب والمحبة والعلوم والمعارف والمشاهدة ، وغير ذلك من الكرامات التي تحصل له في الدنيا ، وما خفي كان أعظم ، قال تعالى { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } [ يونس : 64 ] . قوله : { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ } اللام موطئة لقسم محذوف ، أو للابتداء مؤكدة . قوله : { خَيْرٌ } ( من الدنيا وما فيها ) أي ولو حصل له في الدنيا ، غاية الرفعة والعز واسم التفضيل على بابه ، إن أعطي العبد النعيم في الجنة ، وليس على بابه إن لم يكن من أهل الجنة ، إذ لا خير في لذة بعدها النار ، بل كل من عظم تنعيمه في الدنيا ، ولم يكن مرضياً عليه ، فتنعيمه زيادة في عذابه ، قال تعالى : { يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ } [ التوبة : 35 ] . وقال تعالى : { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } [ التكاثر : 8 ] . قوله : ( قال تعالى ) إنما قال ذلك ، إشارة إلى أن جواب المؤمنين تم بقوله : { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ } ، وقوله : { وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } ثناء ومدح من الله لدار الآخرة التي هي خير . قوله : ( هي ) قدره إشارة إلى أن المخصوص بالمدح محذوف .