Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 50-54)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } أي فلا يعصون ربهم أبداً ، بل هم ممتثلون لأمره مجتنبون لنهيه . قوله : { وَقَالَ ٱللَّهُ } أي لعباده . قوله : { لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ } { لاَ } ناهية ، و { تَتَّخِذُواْ } مجزوم بحذف النون ، والواو فاعل ، و { إِلـٰهَيْنِ } مفعول أول ، و { ٱثْنَيْنِ } تأكيد له ، والمفعول الثاني محذوف تقديره معبوداً ، ويعلم من النهي عن اتخاذ اثنين ، النهي عن اتخاذ الأكثر بالأولى . قوله : { إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ } أتى به لإثبات الألوهية والوحدانية ، والمعنى أن المعبود لا يكون إلا واحداً ، وإلا لم يوجد شيء من العالم ، قال تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } [ الأنبياء : 22 ] وقال تعالى : { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } [ المؤمنون : 91 ] . قوله : { فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } إياي مفعول لفعل محذوف ، يفسره قوله ارهبون ، أي ارهبوا إياي فارهبون ، والمعنى لا تخافوا غيري ، فإن النفع والضر بيدي ، والألوهية وصفي ، فلا تخشوا غيري ، ولا ترجوا غيري . قوله : ( وفيه التفات عن الغيبة ) أي إلى التكلم ، لأنه أبلغ في التخويف . قوله : { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فيه التفات من المتكلم للغيبة ، وهذا دليل على أنه المنفرد بالألوهية والوحدانية ، إذ غيره لا يخلو ، إما أن يكون في السماوات أو الأرض ، وكل بما فيها مملوك لله ، فلا يصح ولا يليق اتخاذ غيره إلهاً . قوله : ( ملكاً وخلقاً وعبيداً ) أي فجميع ما في السماوات والأرض مملوكون مخلوقون له ، يتصرف فيهم كيف يشاء . قوله : { وَلَهُ ٱلدِّينُ } أي التدين والانقياد لا لغيره ، فالطاعة لا تكون إلا لله وحده ، وطاعة الرسول والوالدين وأولي الأمر ، من طاعة الله لأمره بها . قوله : ( والعامل فيه معنى الظرف ) أي الاستقرار المفهوم من الجار والمجرور ، والمعنى استقر الدين له حال كونه دائماً ، وهذا ظاهر على أن { ٱلدِّينُ } فاعل بالجار والمجرور ، وأما إن جعل الدين مبتدأ مؤخراً ، والجار والمجرور خبراً مقدماً ، فلا يصح ما قاله المفسر ، لأن العامل في الحال ، هو العامل في صاحبها ، والمبتدأ ليس معمولاً للخبر ، وحينئذ فالأولى أن يجعل حالاً من الضمير الكائن في الظرف ، والتقدير والدين ثابت له حال كونه واصباً . قوله : { أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } الهمزة داخلة على محذوف تقديره أتركتم عبادة الله ومخافته فغير الله تتقون . قوله : ( والاستفهام للإنكار ) أي والمعنى لا يليق منكم ، أي تتقوا غيره ، ولا تطيعوا غيره ، إلا إذا كان الآمر بذلك هو الله ، كطاعة الوالد والرسول ، ففي الحقيقة التقوى لله . قوله : { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ } أي دنيوية أو أخروية . قوله : ( وما شرطية ) أي وفعل الشرط محذوف ، والتقدير أيما نزل بكم ، وقوله : { فَمِنَ ٱللَّهِ } جواب الشرط ، وقوله : { مِّن نِّعْمَةٍ } بيان لما ، ويرد عليه أنه لا يحذف فعل الشرط ، إلا بعد إن في موضعين : الأول في باب الاشتغال نحو : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره . الثاني أن تكون لا النافية تالية ، لأن مع وجود ما يدل على الشرط ، كقول الشاعر : @ فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسام @@ فإن لم توجد لا ، أو كانت الأداة غير إن ، لم يحذف إلا لضرورة ، فالأحسن الإعراب الثاني . قوله : ( أو موصولة ) أي بمعنى الذي ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صلة ما ، و { مِّن نِّعْمَةٍ } بيان لما وهو مبتدأ : وخبره قوله : { فَمِنَ ٱللَّهِ } والفاء زائدة في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط ، والمعنى أن الله هو مولى النعم لا غيره ، وتسمية غيره منعماً ، باعتبار أن النعم أجريت على يده ، وهو مظهر لها . قوله : { تَجْأَرُونَ } من الجؤار بوزن غراب ، وهو رفع الصوت بالدعاء ، في كشف ما نزل من الضر . قوله : { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ } أي أزاله بإيصال النفع لكم .