Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 23-23)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَضَىٰ رَبُّكَ } ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات جملة من التكاليف ، نحو خمسة وعشرين حكماً ، بعضها أصلي ، وبعضها فرعي ، وابتدأ منها بالتوحيد بقوله : { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } [ الإسراء : 22 ] وختم به بقوله : { وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَّدْحُوراً } [ الإسراء : 39 ] إشارة إلى أنه رأس الأمور وأساسها ، وما عداه من الأحكام مبني عليه ، ولما كان حق الوالدين آكد الحقوق ، بعد حق الله ورسوله ، ذكر بعد التوحيد وشدد فيه ، دون بقية التكاليف ، لأن أمر العقوق فظيع ، وفيه الوعيد الشديد ، ففي الحديث " قل لعاق والديه بفعل ما يشاء فإن مصيره إلى النار " قوله : ( أمر ) أي أمراً جازماً ، وقيل إن قضى بمعنى أوصى ، وقيل بمعنى حكم ، وقيل بمعنى ألزم ، وقيل بمعنى أوجب ، وكل صحيح . قوله : { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ } بأن لا تشركوا معه في العبادة غيره ، فتمتثلوا أوامره وتجتنبوا نواهيه ، ودخل في ذلك الاقرار لرسول الله بالرسالة ، ومحبته وتعظيمه ، لأن ذلك من حملة المأمور به ، قال تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } [ آل عمران : 31 ] . قوله : ( أي بأن ) أشار بذلك إلى أن أن مصدرية ، ويكون الفعل منصوباً بحذف النون ، ويصح أن أن مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن ، ولا ناهية ، والفعل مجزوم بحذف النون ، والواو فاعل على كل حال . قوله : { وَبِٱلْوَالِدَيْنِ } متعلق بمحذوف قدره المفسر بقوله : { وَ } ( أن تحسنوا ) والجملة معطوفة على جملة { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } . قوله : ( بأن تبروهما ) أي تطيعوا أمرهما في غير معصية الله . قوله : { إِمَّا يَبْلُغَنَّ } إن شرطية مدغمة في ما الزائدة ، والفعل مبني على الفتح ، لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، في محل جزم ، وأحدهما فاعل ، وكلاهما معطوف عليه ، وجواب الشرط هو { فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ } وما عطف عليه من بقية الخمسة التي كلف بها الإنسان في حق والديه . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً ، وعليها فالفعل مجزوم لحذف نون الرفع ، والألف فاعل ، والنون المشددة المكسورة للتوكيد والتقييد لحالة الكبر ، خرج مخرج الغالب ، لأن الولد غالباً إنما يتهاون بوالديه عند حصول الكبر لهما ، وإلا فالولد مطلوب ببر والديه مطلقاً ، كانا عنده أو لا . قوله : ( بفتح الفاء ) أي من غير تنوين ، قوله : ( وكسرها ) أي منوناً وغير منون ، فالتعميم راجع لقراءة الكسر ، خلافاً لما يوهمه المفسر ، فالقراءات السبعية ثلاث ، وقرىء شذوذاً بالرفع مع التنوين وتركه ، وبالفتح مع التنوين وسكون الفاء ، فتكون الشواذ أربعاً ، فجملة القراءات سبع هنا ، وفي الأنبياء وفي الأحقاف ولغاتها أربعون لغة ، ذكرها ابن عطية في تفسيره . قوله : ( مصدر بمعنى تباً ) بفتح التاء وضمها أي خسرانا ، قوله : ( وقبحاً ) أي لا تقل لهما قبحاً لكما ولأفعالكما ، والأوضح أن يقول اسم فعل المضارع ، أي لا تقل لهما أنا اتضجر من شيء يصدر منكما . قوله : ( وتزجرهما ) أي عما لا يعجبك منهما بإغلاظ ، بأن لا تأمرهما ولا تنهاهما ، ولو كان ذلك الأمر غير مناسب ، بل إذا أحب أن يأمرهما أو ينهاهما ، فليكن على سبيل المشاورة باللطف والرفق . قوله : { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } أي حسناً ، كأن يقول لهما : يا أبتاه يا أماه ، ولا يسميهما .