Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 27-29)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ } إلخ ، هذا غاية في الذم . قوله : { كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ } أي ولم يزالوا كذلك ، والمعنى أن المبذرين يشبهون الشياطين ، في أن كلا منهما ضل في نفسه وأضل غيره ، فالشياطين صرفوا همهم وقوتهم وما أنعم الله عليهم به من معاصي الله ولم يصلحوا ، والمبذرون صرفوا أموالهم فيما يغضب الله تعالى وأفسدوا ولم يصلحوا . قوله : ( أي على طريقتهم ) أي مقتدين بهم وملازمين لأفعالهم ، لأن الملازم للشيء يسمى أخاً له . قوله : ( شديد الكفر لنعمه ) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، والتقدير وكان الشيطان لنعم ربه كفوراً . قوله : ( فكذلك أخوه المبذر ) أي فقد كفر نعم ربه ، حيث صرفها في غير طاعة الله . قوله : { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ } معطوف على محذوف تقديره : وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل إن كان بيدك شيء وإما تعرضن الخ ، والمعنى لا تقطع رجاء الفقير منك ، بل إما أن تعطيه إن كان معك شيء ، أو ترده بلطف ، كما كان من خلقه صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا سئل أعطى أو وعد بالعطاء . قوله : ( وما بعده ) أي المسكين وابن السبيل . قوله : { ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ } مفعول لأجله ، وهو علة مقدمة على المعلول ، والمعنى : وإما تعرضن عنهم لأجل عسرك ، فقل لهم قولاً ميسوراً ، اعتماداً على الله وطلباً لرحمة من ربك ترجوها ، وفي ذلك إشارة إلى أن الإنسان ، لا ينبغي له قطع رجائه من الله بل يعتمد على الله دائماً في عسره ويسره ، فإن الغنى هو وثوق القلب بالله ، فلا يعتمد على سبب من الأسباب ، بل يتوكل على الله ، ولا يقطع رجاءه منه ، ولا رجاء غيره فيه ثقة بربه . قوله : ( بأن تعدهم ) أي أو تدعو لهم بأن تقول : أغناكم الله ، سهل لكم أسباب الخير ، وغير ذلك . قوله : { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } أي مضمومة ومجموعة معه في الغل ، وهو بضم الغين المعجمة ، طوق من حديد يجعل في العنق . قوله : ( أي لا تمسكها عن الإنفاق ) أي فهو نهي عن البخل على سبيل الكناية ، لأن شأن من جعل يده مغلولة إلى عنقه ، عدم القدرة على التصرف ، وشأن البخيل عدم التصرف في المال بالانفاق وغيره . قوله : ( كل المسك ) المناسب الامساك لأن الفعل رباعي ، وكأنه شاكل قوله : { ٱلْبَسْطِ } . قوله : { كُلَّ ٱلْبَسْطِ } أي بأن تنفق زيادة على ما يجب وما يندب . قوله : { فَتَقْعُدَ } أي تصير ، فقوله : { مَلُوماً } خبر لتقعد ، و { مَّحْسُوراً } معطوف عليه . قوله : ( راجع للأول ) أي البخيل . قوله : ( منقطعاً لا شيء عندك ) أي فهو من حسره السفر إذا أثر فيه ، ويصح أن يكون من الحسرة بمعنى الندامة ، أي نادماً على ما حصل منك . قوله : ( راجع للثاني ) أي وهو من بسط يده كل البسط ، ولا تشكل هذه الآية ، على ما ورد من فعل السلف ، الذين خرجوا عن أموالهم في محبة الله ورسوله وصاروا فقراء ، لأن النهي محمول على من كان يعقبه الندم والتحسر ، وأما من فعل ذلك من السلف ، وأقره عليه رسول الله ، كأبي بكر وغيره ، من الذين كانوا يؤثرون على أنفسهم ، ومدحهم الله على ذلك ، فلم يوجد منهم التحسر على فوات الدنيا لفنائهم عنها وبقائهم بالله ، وخطاب تلك الآيات ، إنما هو على حسب أخلاق العامة .