Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 43-45)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَتَعَالَىٰ } عطف على ما تضمنه قوله سبحانه كأنه قال تنزه وتعالى . قوله : { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ } الخ ، القصد من ذلك التوبيخ والتقريع على من أثبت لله شريكاً ، والمعنى كيف يشركون مع الله غيره ، وكل شيء ينزهه عن كل نقص . قوله : { وَٱلأَرْضُ } أفردها مع أنها سبع كالسماوات ، لكون جنسها واحداً وهو التراب . قوله : ( من المخلوقات ) أي الإنس والجن والملك وسائر الحيوانات والجمادات . قوله : ( أي يقول سبحان الله وبحمده ) أي اعتقد تنزيه الله وأصفه بحمده ، أي بكل كمال . قوله : { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } هذا يقتضي أن تسبيح الجمادات والحيوانات غير العاقلة بلسان المقال ، وهو الذي اختاره جمهور السلف ، وذهب الأقل إلى أنه بلسان الحال ، بمعنى أنها تدل تلك المخلوقات ، على أن لها صانعاً متصفاً بالكمالات ، منزهاً عن النقائص ، فكان ذلك تسبيحاً لها ، قال العارف : @ وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد @@ قوله : ( حيث لم يعاجلهم العقوبة ) أي مع غفلتكم ، وعدم تدبركم في آياته ، ونظركم في مصنوعاته قوله : { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ } خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم حين أراد الكفار قتله على حين غفلة ، وأل في القرآن ، إما للجنس الصادق بأي آية وهو الحق ، لما في الحديث " خذ من القرآن ما شئت لما شئت " وكون القرآن حجاباً ساتراً ، ليس من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ، بل له ولأمته المؤمنين به المخلصين ، كما هو مشاهد ومجرب بين العارفين ، وأدلة السنة في ذلك أشهر من أن تذكر ، أو للعهد ، والمراد ثلاث آيات مشهورات من النحل والكهف والجاثية ، وهي قوله تعالى في سورة النحل { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ } [ النحل : 108 ] . وفي سورة الكهف { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } [ الكهف : 57 ] . وفي الجاثية { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } [ الجاثية : 23 ] الآية ، وزاد العلماء أول سورة يس إلى قوله { فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [ يس : 9 ] لما ورد أنه قرأها حين اجتمعوا على بابه لإرادة قتله ، وأن الله له في الهجرة ، فأخذ حفنة من تراب في يده ، وخرج وهو يتلو يس إلى قوله { فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [ يس : 9 ] وجعل ينثر التراب على رؤوسهم ، ثم انصرف ، فلم يره أحد منهم ، بل أخذ الله أبصارهم . قوله : { وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } أي وهم المنكرون للبعث . قوله : ( أي ساتراً ) أشار بذلك إلى أن اسم المفعول بمعنى اسم الفاعل . قوله : ( فيمن أراد الفتك به ) أي كأبي جهل ، وأم جميل زوجة أبي لهب ، ويهود خيبر ، ويهود المدينة ، والمتفقين ، والفتك بتثليث الفاء هو القتل على غفلة . قوله : ( أغطية ) أي حجباً معنوية تمنعهم من إدراكه . قوله : ( فلا يسمعونه ) أي إما أصلاً كما وقع لبعض الكفار ، حيث كان النبي يقرأ القرآن وهم لا يسمعونه ، أو المنفي سماع التدبر والاتعاظ ، وهو موجود في جميع الكفار والمنافقين .