Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 55-56)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي بأحوالهم ، فيخص بالنبوة من شاء من خلقه ، وبولايته وسعادته من شاء منهم ، وفي هذه الآيات رد على المشركين ، حيث استبعدوا النبوة على رسول الله بقولهم : كيف يكون يتيم أبي طالب نبياً ؟ وكيف يكون العراة الجوع أصحابه ؟ وهذه العبارة لا يجوز إطلاقها على النبي ، إلا في مقام الحكاية على الكفار ، ولذا أفتى بعض المالكية بقتل قائلها في مقام النقيض ، والباء متعلقة بأعلم ، ولا يلزم عليه قصر علمه على من في السماوات والأرض ، لأنه مفهوم لقب وهو لا يعتبر ، وقد رد العلماء على من اعتبره ، كأبي بكر الدقاق . قوله : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي بتفضيل من الله ومزايا خصهم بها ، ميز بعضهم عن بعض . قوله : { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } خص بالذكر ، لأن اليهود زعمت أنه لا نبي بعد موسى ، ولا كتاب بعد التوراة ، وقصدهم بذلك إنكار نبوة محمد وإنكار كتابه ، فرد الله عليهم بقوله : { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } لأنهم يعترفون بنبوة داود ، ونزل الزبور عليه ، مع أنه جاء بعد موسى ، والزبور كتاب أنزل على داود ، مشتمل على مائة وخمسين سورة ، أطولها قدر ربع من القرآن ، وأقصرها قدر سورة { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ } [ النصر : 1 ] وكلها دعاء وتحميد ، ليس فيها حلال ولا حرام ، ولا فرائض ولا حدود ولا أحكام ، وفي هذه الآية ، إشارة إلى أن تفضيل الأنبياء بالفضائل النفسانية ، والتخلي عن العلائق الجسمانية ، والتحلي بالأخلاق الرحمانية ، لا بكثرة الأموال والأتباع ، حتى داود عليه السلام ، فإن شرفه بما أوحى الله إليه من الكتاب ، لا بما أوتيه من الملك ، فالعز والتفضيل في المزايا الأخروية لا الدنيوية ، فإنها تكون في المؤمن والكافر ، فلا يمتن الله بها على أحبابه وأصفيائه . قوله : { قُلِ } ( لهم ) أي قل يا محمد رداً على من اعتقد مع الله شريكاً . قوله : ( أنهم آلهة ) أشار بذلك إلى أن مفعولي زعم محذوفان . قوله : { مِّن دُونِهِ } أي غيره ، وفي الآية تقديم وتأخير ، والتقدير قل ادعوا الذين من دونه زعمتم أنهم آلهة ، فالمعنى أنهم يعبدونها كما يعبدون الله ، فاندفع ما يقال : إن المشركين . إنما يعتقدون الشركة مع الله ، لا أن الآلهة غيره ، وهو ليس بإله . قوله : ( كالملائكة ) الخ ، أي وكمريم ، فالكلام في خصوص العقلاء بدليل قوله : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } [ الإسراء : 57 ] قوله : { فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ } أي لا يستطيعون إزالته لعجزهم ، وحينئذ فهؤلاء ليسوا بآلهة ، لأن الإله هو القادر الذي لا يعجزه شيء ، والجملة جواب الأمر .