Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 57-59)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } هذا من تتمة ما قبله ، واسم الإشارة مبتدأ ، وجملة { يَبْتَغُونَ } وما عطف عليه خبر ، و { ٱلَّذِينَ } بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان عليه و { يَدْعُونَ } صلته ، وقدر المفسر مفعوليه والمعنى أن العقلاء الذين زعمتموهم وعبدتموهم آلهة ، يطلبون من الله القرب بسبب طاعتهم وخضوعهم وذلهم لربهم ، ويرجون رحمته ، ويخافون عقابه ، بل كل من كان أقرب منهم في الدرجة ، فهو أشد خضوعاً وخوفاً ، ولا يرضون بكونهم معبودين من دون الله . قوله : ( بد من واو يبتغون ) أي و { أَقْرَبُ } خبر مبتدأ محذوف والجملة صلة ، أي كما أشار له المفسر بقوله : ( يبتغيها الذي هو ) { أَقْرَبُ } . قوله : ( فكيف تدعونهم آلهة ) أي مع كونهم راجين خائفين محتاجين لربهم ، والإله لا يكون كذلك . قوله : { كَانَ مَحْذُوراً } أي مخافاً منه ، والمعنى هو حقيق بأن يخاف منه كل أحد . قوله : { وَإِن مِّن قَرْيَةٍ } أي طائعة أو عاصية ، وقوله : { إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا } أي الطائعة ، وقوله : { أَوْ مُعَذِّبُوهَا } أي العاصية ، والمعنى أن كل أحد يفنى قبل يوم القيامة ، قال تعالى : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } [ الرحمن : 26 ] ولكن الفناء مختلف ، فمنهم من يموت ميتة حسنة ، ومنهم من يموت ميتة سوء . قوله : ( بالموت ) أي فالهلاك قد يستعمل في الموت ، قال تعالى : { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ } [ النساء : 176 ] . قوله : { كَانَ ذٰلِك } أي ما ذكر من الإهلاك والتعذيب . قوله : { مَسْطُوراً } أي فلا يغير ولا يبدل . قوله : { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ } الخ ، سبب نزول هذه الآية ، أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : اقلب لنا الصفا ذهباً ، وسير لنا هذه الجبال عن مكة لنزرع مكانها ، وأحي لنا آباءنا الموتى ، فإن فعلت ذلك آمنا بك ، فشرع النبي يسأل الله تعالى في ذلك ، فنزلت هذه الآية ، والمعنى ما كان السبب في تركنا إجابتهم عجزاً منا ، بل السبب في ترك الإجابة غلبة رحمتنا بهم ، فإنه قد جرت عادتنا ، من أول الزمان إلى وقتك هذا ، أن كل أمة طلبت من نبيها آية نأتيهم بها ، فإذا كفروا استأصلناهم بالهلاك ، وقد سبق في علمنا أن أمتك تبقى على وجه الأرض إلى يوم القيامة ، ولو آتيناهم ما طلبوه ولم يؤمنوا ، لاستأصلناهم بالهلاك ، فلم يتم ما سبق في علمنا ، فمنعهم مما طلبوه رحمة بأمتك جميعاً . قوله : ( التي اقترحوها ) أي كقلب الصف ذهباً ، وغير ذلك مما يأتي في قوله وقالوا { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [ الإسراء : 90 ] الآيات . قوله : { مُبْصِرَةً } بكسر الصاد بإتفاق السبعة ، وإسناد الإبصار لها مجاز ، لأنها سبب في التبصر والاعتبار والاهتداء ، وخصت معجزة صالح بالذكر هنا ، لأن المكذبين لها ديارهم المهلكة قريبة منهم ، يبصرونها في أسفارهم ذهاباً وإياباً . قوله : ( المعجزات ) دفع بذلك ما يقال إن في الآية تعارضاً ، حيث نفى إرسال الآيات أولاً ، وأثبته ثانياً . وحاصل الجواب أن يقال : إن المنفي أولاً الآيات المقترحة ، والمثبت ثانياً المعجزات الغير المقترحة .