Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 72-75)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ } أي وهو الذي يعطي كتابه بشماله ، فيسود وجهه حينئذ ويحصل له الندم ، قال تعالى : { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ } [ الحاقة : 25 ] الخ . قوله : { أَعْمَىٰ } ( عن الحق ) أي فالمراد أعمى القلب لا يبصر رشده . قوله : ( وقراءة الكتاب ) أي قراءة سارة ، وإلا فهو يقرؤه قراءة يحصل له بها الندم والحسرة والحزن . قوله : { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } أي لأنهم حينئذ لا ينفعهم الإيمان . قوله : ( عنه ) أي عن طريق النجاة . قوله : ( ونزل في ثقيف ) أي وهم قبيلة يسكنون الطائف ، وحاصله أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالاً نفتخر بها على العرب ، لا نعشر ولا نحشر ولا نجبى في صلاتنا ، فالمراد بقولهم لا نشعر ، لا نعطي العشر من الزكاة ، وبقولهم لا نحشر ، لا نؤمر بالجهاد ، وبقولهم لا نجبى بضم النون وفتح الجيم وتشديد الباء الموحدة مكسورة ، لا نركع ولا نسجد في صلاتنا ، والمراد لا نصلي ، وكل رباً لنا فهو لنا ، وكل رباً علينا ، فهو موضوع عنا ، وأن تمتعنا باللات سنة ، حتى نأخذ ما يهدى لها ، فإذا أخذناه كسرناها وأسلمنا ، وأن تحرم وادينا كما حرمت مكة ، فإن قالت العرب : لم فعلت ذلك ؟ فقل : إن الله أمرني ، فسكت النبي وطمع القوم في سكوته أن يعطيهم ذلك ، فأنزل الله { وَإِن كَادُواْ } الخ . قوله : ( مخففة ) أي واسمها ضمير الشأن . قوله : ( يستنزلونك ) أي يطلبون نزولك عن الحكم الذي أوحيناه إليك من الأوامر والنواهي . قوله : { لِتفْتَرِيَ } أي تختلق وتكذب . قوله : { غَيْرَهُ } أي غير ما أوحينا إليك . قوله : { وَإِذاً } هي حرف جواب وجزاء تقدر بلو الشرطية كما قال المفسر . قوله : { لاَّتَّخَذُوكَ } جواب قسم محذوف تقديره والله لاتخذوك ، وهو مستقبل في المعنى ، لاقتضاء المجازاة الاستقبال . قوله : ( وهو صريح ) أي قوله : { لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ } . قوله : ( لم يركن ) أي بالطريق الأولى ، وقوله : ( ولا قارب ) أي بمنطوق التركيب . والمعنى امتنع قربك من الركون لوجود تثبيتنا إياك ، وإذا امتنع القرب من الركون ، فامتناع الركون أولى . قوله : ( لو ركنت ) المناسب أن يقول : لو قاربت الركون ، لأن جواب لولا هو المقاربة ، ولأن حسنات الأبرار سيئات المقربين ، فإن المقاربة من فعل القبيح لا عذاب عليها عموماً ، والكاملون يشدد عليهم على قدر مقامهم قال العارف : @ وإذا منحت القرب فاعرف قدره إن السخي لمن يحب شحيح @@ قوله : ( أي مثلي ما يعذب غيرك ) أي من جميع الخلق ، والمعنى لو قاربت الركون ، لأنزلنا عليك عذاباً في الدنيا والآخرة ، مثل عذاب الخلق مرتين . قوله : ( مانعاً منه ) أي من العذاب المضاعف . قوله : ( لما قال له اليهود ) الخ ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، كره اليهود مقامه فيها حسداً ، فأتوه فقالوا : يا أبا القاسم ، لقد علمت ما هذه بأرض الأنبياء ، فإن أرض الأنبياء الشام ، وهي الأرض المقدسة ، وكان بها إبراهيم والأنبياء ، فإن نبياً مثلهم فائت الشام ، وإنما يمنعك من الخروج إليها مخافة الروم ، وإن الله سيمنعك من الروم إن كنت رسوله ، فسار النبي بجيشه على ثلاثة أميال من المدينة ، وفي رواية إلى ذي الحليفة ، حتى يجتمع إليه أصحابه ، ويأتي الإذن من الله فيخرج ، فنزلت هذه الآية ، فرجع ، وسلطه الله عليهم ، فقتل منهم بني قريظة ، وأجلى بني النضير بعد زمن قليل ، وهذا مبني على أن الآية مدنية ، وأما على أن الآية مكية ، فالمراد بالأرض أرض العرب ، والمعنى همّ المشركون أن يخرجوه منها ، فمنعهم الله عنه ، ولم ينالوا منه ما أملوه .