Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 54-57)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِسْمَاعِيلَ } أي ابن إبراهيم ، وكان من هاجر جارية سارة التي وهبتها له ، فلما ولدت له إسماعيل نقلها إلى الحجز قبل بناء البيت ، فتربى إسماعيل بين جرهم عرب من اليمن فزوجوه ، فلما كبر أرسله الله إليهم ، كما قال المفسر ، ثم تناسلت منه العرب الذين منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكفاه بهذا فخراً ، ولما كان أعظم مزية من أولاد إبراهيم ، أفرده بالذكر والثناء . قوله : { صَادِقَ ٱلْوَعْدِ } خص بهذا الوصف ، وإن كان موجوداً في غيره من الأنبياء ، لأنه المشهور بين خصاله . قوله : ( وانتظر من وعده ) أي شخصاً وعده إسماعيل ، وكان عليه إبراز الضمير ، لأن الصلة جرت على غير من هي له ، والمعنى إن إسماعيل وعد شخصاً أن ينتظره في مكان ليذهب الرجل ويأتي له . فمكث ثلاثة أيام أو حولاً . قوله : { وَكَانَ رَسُولاً } أي بشريعة أبيه . قوله : ( قلبت الواوان ) الخ أي فوقعت الواو الثانية متطرفة ، قلبت ياء فاجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء ، وهذا الوصف جامع لكل خير ، لأن من كانت أفعاله مرضية لربه ، ولا يصدر عنه إلا كل وبر وإحسان ، ولا شك أن الأنبياء كذلك ، لأن الله أعلم حيث يجعل رسالته . قوله : { إِدْرِيسَ } هذا لقبه ، واسمه أخنوخ بن شيث بن آدم ، ولقب بذلك لأنه أو من درس الكتب ، لأن الله أنزل عليه ثلاثين صحيفة ، قيل هي التي نزلت على أبيه وقيل غيرها ، وهو أول من خط بالقلم ، وخاط الثياب ، واتخذ السلاح ، وقاتل الكفار ، ونظر في علم النجوم والحساب . قوله : ( هو جد أبي نوح ) أي لأن نوحاً بن لمك ، بفتح اللام وسكون الميم ، ابن متوشلخ بن إدريس . قوله : { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } اختلف المفسرون في المكان العلي ، فقيل المراد به المكان المعنوي ، وهو الرفعة وعلو المنزلة ، وقيل المراد به المكان الحسي ، وعليه فقيل هو السماء الرابعة ، وقيل الجنة ، واختلفوا في سبب رفعه ، فقيل إنه كان يرفع لإدريس كل يوم من العبادة ، مثل ما يرفع لجميع أهل الأرض في زمانه ، فعجب منه الملائكة ، واشتقاق إليه ملك الموت ، فاستأذن ربه في زيارته فأذن له ، فأتاه في صورة بني آدم ، وكان إدريس يصوم الدهر ، فلما كان وقت إفطاره ، دعاه إلى طعامه ، فأبى أن يأكل معه ، ففعل ثلاث ليال ، فأنكره إدريس وقال له في الليلة الثالثة : إني إريد أن أعلم من أنت ؟ قال : أنا ملك الموت ، استأذنت ربي أن أصحبك ، فقال إدريس : لي إليك حاجة ، قال : ما هي ؟ قال : تقبض رومحي ، فأوحى الله إليه أن أقبض روحه ، فقبضها وردها إليه في ساعة ، فقال له ملك الموت : ما الفائدة في سؤالك قبض الروح ؟ قال : لأذوق الموت وغمته ، فأكون أشد استعداداً ، ثم قال له أدريس : إن لي إليك حاجة ، قال : وما هي ؟ قال ترفعني إلى السماء ، لأنظر إليها وإلى الجنة والنار ، فأذن الله له فرفعه ، فلما قرب من النار قال : لي إليك حاجة ، قال : وما تريد ؟ قال : تسأل مالكاً حتى يفتح أبوابها ففعل ، فقال له : كما أريتني النار فأرني الجنة ، فذهب به إلى الجنة ، فاستفتح أبوابها ، فأدخله الجنة ، ثم قال له ملك الموت : اخرج لتعود إلى مقرك ، فتعلق بشجرة وقال : ما أخرج منها ، فبع ثالله ملكاً حكماً بينهما ، فقال له الملك : ما لك لا تخرج ؟ قال : لأن الله تعالى قال : { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ } [ آل عمران : 185 ] وقد ذقته ، وقال : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } [ مريم : 71 ] وقد وردتها ، وقال : { وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } [ الحجر : 48 ] ولست أخرج ، فأوحى الله إلى ملك الموت ، بإذني دخل الجنة ، وبأمري لا يخرج منها ، فهو حي هناك ، وقيل سببه أنه نام ذات يوم ، فاشتد عليه حر الشمس فقال : اللهم خفف عن ملك الشمس وأعنه ، فإنه يمارس ناراً حامية فأصبح ملك الشمس ، وقد نصب له كرسي من نور عنده سبعون ألف ملك عن يمينه ، ومثلها عن يساره ، يخدمونه ويتولون عمله من تحت حكمه ، فقال ملك الشمس : يا رب ، من أين لي هذا ؟ قال : دعا لك رجل من بني آدم يقال له إدريس فقال : يا رب اجعل بيني وبينه خلة ، فأذن له في ذلك ، فصار يتردد على إدريس فقال له : إنك أكرم الملائكة عند ملك الموت ، فاشفع لي عنده ليؤخر أجلي فأزداد عبادة وشكراً ، فقال الملك : لا يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها ، فرفعه في مكانه ، ثم أتى ملك الموت فقال له : صديق من بني آدم ، يتشفع بي إليك لتؤخر أجله ، فقال : ليس ذلك إلي ، ولكن إن أحببت أعلمته متى يموت فيقدم لنفسه ، قال : نعم ، فنظر في ديوانه فقال : إنك كلمتني في إنسان يموت الساعة عند مطلع الشمس ، قال : إني أتيتك وتركته هناك ، فانطلق فوجده قد مات ثم أحياه الله ، فهو يرفع في الجنة تارة ، ويعبد الله مع الملائكة في السماء الرابعة تارة أخرى ، قال العلماء : أربعة من الأنبياء أحياء ، اثنان في الأرض وهما الخضر وإلياس ، واثنان في السماء وهما عيسى وإدريس .