Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 71-76)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } أي مسلماً أو كافراً . والحاصل أنه اختلف المفسرون في المراد بالورود ، فقيل الدخول ، وقيل الحضور معها في الموقف ، والذي عول عليه الأشياخ ، أن المراد به المرور على الصراط ، وهو على ظهرها أحد من السيف ، وأرق من الشعرة ، ويتسع للمؤمن بقدر عمله ، ومن هنا تقول النار للمؤمن : جز يا مؤمن ، فقد أطفأ نورك لهبي ، وهم في المرور مختلفون ، لما في الحديث : " يرد الناس النار ثم يصدون عنها بأعمالهم ، فأولهم كلمح البصر ، ثم الريح ، ثم كعدو الفرس ، ثم كالراكب المجد ، ثم كشد الرجل في مشيه " . قوله : ( أي داخل جهنم ) أي وتكون على المؤمنين ، ولو ماتوا عصاة ، غير من تحقق فيهم الوعيد برداً وسلاماً لدخولهم فيها وهي خامدة ، فلا يشعرون بها . قوله : { كَانَ } أي الورود . قوله : { حَتْماً مَّقْضِيّاً } أي بمقضتى حكمته لا بإيجاب عليه . قوله : { ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي نخرجهم منها من غير أن يمسهم عذابها ، وهم من لم ينفذ فيهم الوعيد ، أو بعد العذاب ، وهم من نفذ فيهم الوعيد . قوله : { وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ } أي نتركهم فيها على سبيل الخلود ، وقوله : { جِثِيّاً } حال من الظالمين . قوله : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } الخ ، أي حين نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آيات القرآن ، وتلاها على المؤمنين والكافرين ، وعجزوا عن معارضتها ، أخذ أغنياء الكفار في الافتخار على فقراء المؤمنين ، بما لهم من حظوظ الدنيا ، حيث قالوا لهم : انظروا إلى منازلنا ، فتروها أحسن من منازلكم ، وإلى مجالسنا ، فتروها أحسن من مجالسكم ، نجلس في صدر المجلس ، وتجلسون في طرفه الحقير ، فإذا كان ذلك لنا في الدنيا ، فنحن عند الله خير منكم ، ولو كنتم على خير لأكرمكم كما أكرمنا ، وقصدهم بذلك فتنة فقراء المدينة بزينة الدنيا ، قال تعالى : { وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ } [ الزخرف : 35 ] . قوله : { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي أغنياؤهم . قوله : { لِلَّذِينَ آمَنُوۤ } أي الفقراء منهم . قوله : ( نحن وأنتم ) بيان للفريقين . قوله : ( بالفتح والضم ) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فالفتح على أنه من قام ثلاثياً ، والضم على أنه من أقام رباعياً ، وكان يحتمل أن يكون اسم مكان ، أو اسم مصدر . قوله : ( قال تعالى ) أي رداً عليهم . قوله : { هُمْ أَحْسَنُ } مبتدأ وخبر ، والجملة صفة لقرن و { أَثَاثاً وَرِءْياً } تمييز . قوله : { وَرِءْياً } أي مرئياً كالذبح بمعنى المذبوح ، وقوله : ( منظراً ) أي هيئة وصورة . قوله : { قُلْ } أي للكفار المفتخرين على فقراء المؤمنين . قوله : { فِي ٱلضَّلَـٰلَةِ } أي الكفر والغفلة عن عواقب الأمور . قوله : ( بمعنى الخبر ) أي وأتى به على صورة الأمر ، إعلاماً بأنه يحصل ولا بد بمقتضى حكمته ، كما أنه ألزم نفسه بذلك . قوله : ( أي يمد ) { لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } إنما ذكر الرحمن إشارة إلى أن رحمته سبقت غضبه . قوله : ( يستدرجه ) أي يطيل عمره ويكثر ماله ، ويمكنه من التصرف فيه . قوله : { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } غاية في قوله : { فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } . قوله : { وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ } إما حرف تفصيل ، وهي مانعة خلو تجوز الجمع والعذاب والساعة بدلان من ما ، والمعنى يستمرون في الطغيان ، إلى أن يعلموا إذا رأوا العذاب أو الساعة من هو شر مكاناً وأضعف جنداً . قوله : { فَسَيَعْلَمُونَ } جواب { إِذَا } ، وقوله : { مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً } راجع لقوله : { خَيْرٌ مَّقَاماً } ، وقوله : { وَأَضْعَفُ جُنداً } راجع لقوله : { وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } على طريف اللف والنشر المرتب . قوله : ( أهم أم المؤمنون ) أشار بذلك إلى أن من استفهامية ، ويصح كونها موصولة مفعول يعلمون . قوله : ( عليهم ) متعلق بجنداً ، لتضيمنه ، معنى المعاونين ، وذلك كما وقع لهم في بدر ، فالكفار كان جندهم إبليس وأعوانه ، جاءوا إليهم ليعينوهم ثم انخذلوا عنهم ، والمؤمنون كان جندهم الملائكة التي قاتلت معهم ، كما تقدم في الأنفال وآل عمران . قوله : { وَيَزِيدُ ٱللَّهُ } هذه الجملة مستأنفة أو معطوفة على جملة الشرط المحكية بالقول ، وكأنه قال : قل لهم من كان في الضلالة ، الخ ، وقل لهم يزيد الله الذين اهتدوا ، الخ . قوله : ( بما ينزل عليهم من الآيات ) أي فكلما نزلت عليهم آية من القرآن ، ازدادوا بها هدى وإيماناً ، قال تعالى : { وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً } [ الأنفال : 2 ] . قوله : ( هي الطاعة ) تقدم أن هذا أحد تفاسير في الباقيات الصالحات ، وهو الأحسن . قوله : { خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ } أي من زينة الدنيا التي يتنعم بها الكفار . قوله : ( بخلاف أعمال الكفار ) أي فإنها شر مرداً ، لكونهم يردون إلى جهنم ، فتحصل أن الأعمال كلها باقية لأصحابها ، فالمؤمنون تبقى لهم الأعمال الصالحة ، فيتنعمون بها في الجنة ، والكفار تبقى لهم الأعمال السيئة ، فيعذبون بها في النار ، فالعاقل يختار لنفسه أي العملين يبقى له ؟ قوله : ( والخيرية ) الخ ، أي أفعل التفضيل ، ذكر على سبيل المشاكلة للكلام السابق ، فاندفع ما يقال : إن أعمال الكفار لا خير فيها أصلاً ، فكيف تصح المفاضلة ؟