Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 9-15)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَالَ رَبُّكَ } أي على لسان ملك أو إلقاء في القلب ، وأما الخطاب جهراً مشافهة ، فلم يكن لغير موسى وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام . قوله : ( وأفتق ) من باب نصر أي أشق . قوله : ( للعلوق ) بفتح العين أو المني ويصح ضمها مصدر علق . قوله : { وَقَدْ خَلَقْتُكَ } الجملة حالية . قوله : ( ولما تاقت نفسه ) أي تطلعت وتشوقت ، وأشار بذلك إلى أن قوله : { قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً } مرتب على محذوف . قوله : ( إلى سرعة المبشر به ) أي بعلامة تدل على حصوله بالفعل ، وليس عند زكريا شك في إجابة الله دعاءه ، بل قصد تعجيل المسرة ليزداد فرحاً وشكراً . قوله : ( أي تمنع ) أي قهراً بلا آفة . قوله : ( أي بأيامها ) أشار بذلك إلى وجه الجمع بين ما هنا وبين آية آل عمران . وحكمة ذكر الليالي هنا ، أن الليل سابق على النهار ، وهذه السورة مكية ، والمكي مقدم على المدني ، وآل عمران مدنية ، فأعطى السابق للسابق ، والمتأخر للمتأخر . قوله : ( حال من فاعل تكلم ) أي ينعدم منك الكلام حال كونك سليماً ، لم يطرأ عليك آفة ولا علة تمنعك من الكلام ، ويصح أن يكون صفة لثلاث ، أي ثلاثاً كاملات لا نقص فيهن . قوله : { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ } أي متغير اللون ، عاجزاً عن الكلام ، فأنكر ذلك عليه وقالوا له : ما لك ؟ فأشار إليهم أن صلوا بكرة وعشياً . قوله : { مِنَ ٱلْمِحْرَابِ } يطلق على الغرفة ، وصدر البيت ، وأكرم مواضعه ، ومقام الإمام من المسجد ، والموضع ينفرد به الملك وعلى المسجد جميعه ، فالمحراب المعروف الآن يوافق اللغة قديماً . قوله : ( أي المسجد ) أي موضع الصلاة . قوله : ( وكانوا ينتظرون فتحه ) أي فكان مقيماً به ، ولا يفتحه إلا وقت الصلاة ، ولا يدخلونه إلا بإذنه . قوله : ( أشار ) { إِلَيْهِمْ } أي بأصبعه وقيل كتب لهم . قوله : ( أوائل النهار وأواخره ) أي فالمراد بالصلاة في هذين الوقتين ، صلاة الصبح وصلاة العصر ، والمعنى صلوا صلاتكم على عادتكم ، ولا تنتظروني أكلمكم ، بل دعوني وحالي . قوله : ( فعلم ) أي زكريا . قوله : ( وبعد ولادته ) الخ ، قدر ذلك إشارة إلى أن قوله : { يٰيَحْيَىٰ } الخ ، مرتب على محذوف . قوله : ( قال تعالى له ) أي على لسان الملك . قوله : { خُذِ ٱلْكِتَابَ } أي اعمل بأحكامه ، وليس المراد اشتغل بحفظه في المكتب مثلاً ، لأن الله ألقاه على قلبه بمجرد قوله : { خُذِ ٱلْكِتَابَ } . قوله : { بِقُوَّةٍ } أي بجد واجتهاد ، وإما أمر بذلك ، لأن كلام الله عظيم جليل القدر ، فيحتاج للاهتمام به والاجتهاد فيه ، ومن هنا ينبغي لطالب العلم الجد والاجتهاد فيه ، ولا يتراخى في طلبه ، فإنك إن أعطيت العلم كلك ، أعطاك بعضه ، وإن أعطيته بعضك ، لم يعطك شيئاً منه ، ولذا قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : @ أَخِي لَنْ تَنَالَ الْعِلم إِلاَّ بِستة سَأُنبيك عَنْهَا مخبراً بِبَيَان ذكاء وَحِرْص وَاجْتِهَاد وَبِلُغَة نَصيحة أستاذ وَطُول زَمَان @@ ولم يأمر الله سيدنا محمداً بتلقي ما أوحى بقوة ، لأن الله أعطاه عزماً وقة عظيمة ، فلم يحتج للأمر ، بل قيل له ( إنا سنقلي عليك قولاً ثقيلاً ) . قوله : ( ابن ثلاث سنين ) أي فأحكم الله عقله وقوى فهمه ، وقولهم النبوة على رأس الأربعين ، محله في غير يحيى وعيسى على ما يأتي ، وقيل المراد بالحكم فهم التوراة وقراءتها ، وأما النبوة فتأخرت للأربعين كغيره . قوله : { وَحَنَاناً } أي رحمة ورقة في قلبه ، وتعطفاً على الناس . قوله : ( صدقة عليهم ) أي توفيقاً للتصدق ، وقيل المراد بالزكاة طهارته من الأوساخ ، أو طهارة من اتبعه ، أو المراد أن الله تصدق به على والديه . قوله : { وَكَانَ تَقِيّاً } أي مجبولاً على التقوى ، ومن جملة تقواه ، أنه كان يتقوت بالعشب ، وكان كثير البكاء ، فكان لدمعه مجار على خده . قوله : ( ولم يهم بها ) أي لم تخطر بباله ، ولا خصوصية له بذلك ، بل جميع الأنبياء كذلك . قوله : ( عاصياً لربه ) أشار بذلك إلى أن المبالغة ليست مرادة ، بل المنفي أصل العصيان لا المبالغة . قوله : { وَسَلاَمٌ عَلَيْهِ } أي أمان له من المخاوف ونكرهنا ، وعرف في قصة عيسى ، لأن ما هنا حاصل من الله ، والقليل منه كثير ، وما ذكر في قصة عيسى آل فيه للعهد أي السلام والمعهود ، وهو الكائن من الله . قوله : { يَوْمَ وُلِدَ } أي من أن يناله الشيطان بمكروه . قوله : { وَيَوْمَ يَمُوتُ } أي من عذاب القبر . قوله : { وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً } أي من هول الموقف ، ولا ينافي هذا ما ورد أن الأنبياء يوم القيامة يجثون على الركب ويقولون : رب سلم سلم ، لأن جلال الله محيط بهم ، فهم خائفون من هيبته وجلاله ، لا من عذابه وعقابه ، لصدق وعد الله في تأمينهم ، فلا يخلف وعده . بقي شيء آخر وهو أنه ورد أن يحيى قتل في حياة والده ، فكيف ذلك مع طلبه ولداً يرثه ، وإجابة الله له بقوله : ( كذلك هو علي هين ) . أجيب : بأن هذه الرواية ضعيفة ، والحق أنه عاش بعد أبيه الزمن الطويل ، وحينئذ فقد سقط السؤال والجواب .