Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 2-2)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ذَلِكَ } اسم الإشارة مبتدأ واللام للبعد والكاف حرف خطاب والكتاب نعت لاسم الإشارة أو عطف بيان وجملة لا ريب فيه خبر كما قال المفسر . قوله : ( أي هذا ) أشار بذلك إلى أن حق الإشارة أن يؤتى بها للقريب وسيأتي الجواب عنه . قوله : { ٱلْكِتَابُ } بمعنى المكتوب وهو القرآن ، إن قلت إن القران قريب فلا يشار له بإشارة البعيد ، أجاب المفسر بقوله والإشارة به للتعظيم ، أي والقرآن وإن كان قريباً منا إلا أنه مرفوع الرتبة وعظيم القدر من حيث إنه منزه عن كلام الحوادث ، وذلك كمناداة المولى سبحانه وتعالى بيا التي ينادي بها البعيد مع كونه اقرب إلينا من حبل الوريد ، لكونه سبحانه منزها عن صفات الحوادث ، فنزل تنزهه عن الحوادث منزلة بعدنا عنه ، والكتاب في الأصل مصدر يطلق بمعنى الجمع . قوله : ( الذي يقرؤه محمد ) أي وهو القرآن احترز بذلك عن باقي الكتب السماوية . قوله : ( لا شك ) هذا أحد معاني ثلاثة والثاني النهمة والثالث القلق والاضطراب وكلها منزه عنها القرآن لخروجه عن طاقة البشر ، قال تعالى : { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ } الآية [ الإسراء : 88 ] . إن قلت إن قوله تعالى : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } خبر وهو لا يتخلف ، مع أن بعض الكفار ارتاب فيه حيث قالوا : سحر وكهانة وأساطير الأولين إلى غير ذلك ، أجيب بأجوبة أحسنها أن قوله : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } ، أي لمن أذعن وأقام البرهان وتأمل ، فلا ريب للعارفين المنصفين ، وأما من عاند فلا يعتد به ، ( إن هم إلا كالإنعام بل هم أضل ) ومنها أن معنى قوله : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي لا ينبغي أن يرتاب فيه لقيام الأدلة الواضحة على كونه من عند الله . ومنها أن المعنى { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي للمؤمنين ، وأما الكافرون فلا يعتد بهم ، فالجواب الأول عام ، فمن تأمل لا يحصل له ريب مسلما أو كافراً أو جحده بعد ذلك عناداً ، والجواب الثاني أنه نفي بمعنى النهي ، والثالث خاص بالمسلم . قوله : ( أنه من عند الله ) بفتح الهمزة بدل من الضمير في قوله : { فِيهِ } ويدل على قوله تعالى في الآخرى { لاَ رَيْبَ فِيهِ } من { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } . قوله : ( والإشارة به للتعظيم ) تقدم أن هذا الجواب عن سؤال مقدر ، إن قلت إنه لا يشار إلا المحسوس أو الإِشارة لما في المصاحف أو اللوح المحفوظ . قوله : { هُدًى } أي رشاد وبيان ، وهو مصدر إما بمعنى اسم الفاعل وهو الذي اقتصر عليه المفسر أي مرشد ومبين ، والاسناد له مجاز عقلي من الاسناد للسبب أو ذو هدى أو بولغ فيه حتى جعل نفس الهدى على حد : زيد عدل . قوله : { لِّلْمُتَّقِينَ } إن قلت إن القرآن هدى بمعنى مبين طريق الحق من الباطل للناس مؤمنهم وكافرهم فلم خص المتقين ؟ أجيب بأنه خصهم بالذكر لكونهم انتفعوا بثمرته عاجلاً وآجلاً وهذا إن اريد به البيان حصل وصول للمقصود أم لا ؟ وأما إن إريد به الوصول للمقصود فالتخصيص ظاهر ، وأصل متقين متقيين استثقلت الكسرة على الياء الاولى فحذفت الياء فالتقى ساكنان حذفت الياء لالتقاء الساكنين . قوله : ( الصائرين إلى التقوى ) اشار بذلك إلى أن في الكلام مجاز الأول أي المتقين في علم الله أومن يؤول إلى كونهم متقين ، فهو جواب عن سؤال مقدر حاصله أنهم إذا كانوا متقين فهم مهتدون فلا حاجة له . قوله : ( بامتثال الأوامر ) يصح أن تكون سببية أو التصوير . وقوله : ( واجتناب النواهي ) عطف عليه ، والمعنى أن امتثال الأوامر على حسب الطاقة واجتناب النواهي جميعها سبب للتقوى أو هي مصورة بذلك . قوله : ( لاتقائهم ) علة لتسميتهم متقين . وقوله : ( بذلك ) أي المذكور وهو امتثال الأوامر واجتناب النواهي ، وهذا إشارة إلى تقوى الخواص وتحتها تقوى العوام وهي تقوى الشرك وفوقها تقوى خواص الخواص وهي تقوى ما يشغل عن الله . قال العارف : @ ولو خطرت لي في سواك إرادة على خاطري يوماً حكمت بردتي @@ والآية في حد ذاتها شاملة للمراتب الثلاث .