Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 31-33)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَعَلَّمَ ءَادَمَ } الحق أن آدم ممنوع من الصرف للعلمية والعجمية وليس منصرفاً ولا مشتقاً على التحقيق ، قوله : ( أي اسماء المسميات ) أشار بذلك إلى أن أل عوض عن المضاف إليه ، والمراد بالمسميات مدلولات الأسماء ، سواء كانت جواهر أعراضاً أو معاني أو معنوية فالحاصل أن الله أطلع آدم على المسميات جميعها وعلمه أسماءها ، وأطلع الملائكة على المسميات ولم يعلمهم أسماءها فاشترك آدم مع الملائكة في معرفة المسميات ، واختص آدم بمعرفة الأسماء بجميع اللغات وتلك اللغات تفرقت في أولاده قوله : ( حتى القصعة ) غاية في الخسة ، إشارة إلى كونه تعلم جميع الأسماء شريفة أو خسيسة وحكمتها أيضاً كما يأتي والقصعة هي الإناء الكبير من الخشب ، والقعصية الإناء الصغير منه أيضاً المسمى بالزويلي . قوله : ( والفسوة ) من باب عتا والمصدر فسوا والاسم الفساء بالمد واوي هو الريح الخارجي من الدبر بلا صوت ، فإن كان شديداً سمي فسوة ، وإن كان خفيفاً سمي فسية ، وإن كان بصوت سمي ضراطاً ، وهو من باب تعب وضرب ، والمصدر ضرطاً بفتح الراء وسكونها فالمكبر للشديد والمصغر للخفيف . قوله : ( بأن ألقى في قلبه علمها ) أي الأسماء وحكمتها حين صور الله المسميات كالذر وذلك قبل دخوله الجنة وهو ظاهر في الأشياء المحسوسة ، وأما المعقولة كالحياة والقدرة والفرح وغير ذلك فبإلقاء الله الدال والمدلول في قلبه . قوله : ( وفيه تغليب العقلاء ) أين في الإتيان بميم الجمع التي للعقلاء المذكور ، وإلا فلو لم يغلب لقال عرضها أو عرضهن وبهما قرئ شاذاً . قوله : { عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ } يحتمل عموم الملائكة ويحتمل خصوص الملائكة المسمين بالجان الذين كانوا في الأرض . قوله : { أَنْبِئُونِي } الأنباء هو الإخبار بالشيء العظيم فهو أخص من الخبر . قوله : ( أخبروني ) أي أجيبوني ليظهر علمكم ، وذلك تعجيز لهم لأنهم ليسوا بعالمين ذلك لا لاستفادته العلم منهم . قوله : ( في أني لا أخلق أعلم منكم ) معلق بصادقين . قوله : ( دل على ما قبله ) أي قوله أنبئوني ، فهو دليل الجواب والجواب محذوف تقديره إن كنتم صادقين فأنبئوني . قوله : { سُبْحَٰنَكَ } مصدر وقيل اسم مصدر منصوب بعامل محذوف وجوباً أي أسبح ، وهي كلمة تقال مقدمة للأمر العظيم ، كان توبة واستغفاراً أم لا ، والمقصود منها توبتهم واستغفارهم ، كقول موسى عليه السلام ( سبحانك تبت إليك ) ، وقول يونس ( سبحانك إني كنت من الظالمين ) ، والغالب عليه الإضافة وأما سبحان من علقمة الفاخر ، فمؤول أو شاذ ، ومن غير الغالب . قوله : ( إياه ) أشار بذلك إلى أن المفعول الثاني محذوف . قوله : { إِنَّكَ } كالدليل لما قبله . قوله : ( تأكيد للكاف ) أي فهو ضمير فصل لا محل له من الإعراب ، أو في محل نصب كالمؤكد والعليم الحكيم خبران لأن الحكيم صفة للعليم ، ويحتمل أن أنت مبتدأ والعليم خبره والجملة خبر أن . قوله : { ٱلْعَلِيمُ } قدم العلم على الحكمة لمناسبة علم آدم ولا علم لنا ، ولأن الحكمة تنشأ عن العلم ، والعلم في حق الله صفة أزلية تتعلق بجميع أقسام الحكم العقلي الواجب والمستحيل والجائز تعلق إحاطة وانكشاف . قوله : { ٱلْحَكِيمُ } أي ذو الحكمة أي الإتقان فهو صفة فعل أو العلم فيكون صفة ذات . قوله : ( فسمى ) أي آدم . قوله : ( توبيخاً ) أي تقريعاً ولوماً لهم على ما مضى فالهمزة في ألم أقل للاستفهام التوبيخي ، والقصد منه توبيخهم على ما مضى منهم وليست الإنكار ولا للتقرير . قوله : ( ما غاب فيهما ) أي : عنا . قوله : ( أتجعل فيها ألخ ) أي من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك . بقي شيء آخر وهو أن مقتضى الآية أن آدم علم الأسماء والمسميات ، ومقتضى قول البويصيري في الهمزية : @ لك ذات العلوم من عالم الغيـ ـب ومنها لآدم الأسماء @@ أن آدم علم الأسماء دون المسميات ، فيكون بينه وبين الآية مخالفة ، والحق أنه لا مخالفة لأنه يلزم من علم الأسماء علم المسيمات لعرض المسيمات عليه أولاً ، فمعنى قول البوصيري لك ذات العلوم أي أصلها ، فعلم آدم مأخوذ من نبينا ، لأن رسول الله أعطي أصل العلوم بل وأصل كل كمال ، ويشهد لذلك قول ابن مشيش وتنزلت علوم آدم أي صل على من منه تنزلت علوم آدم ، فعلوم آدم كائنة منه فأعجز بها الملائكة خاصة ، وأما علوم رسول الله فاعجز بها الخلائق جميعاً ، هذا هو الحق ولا تغتر بما قيل إن آدم علم الأسماء فقط ، ومحمد علم الأسماء والمسميات .