Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 6-7)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } جرت عادة الله سبحانه وتعالى في كتابه أنه إذا ذكر بشرى المؤمنين يذكر بلصقها وعيد الكافرين ، فذكر حال الكافرين ظاهراً وباطناً ، ثم ذكر حال الكافرين باطناً وهم المنافقون ، وأنهم أسوأ حالاً من الكافرين ظاهراً وباطنا ، وإن حرف توكيد ونصب والذين كفروا اسمها وجملة لا يؤمنون خبرها ، وجملة سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم معترضة بين اسم إن وخبرها ، وإعرابها أن تقول على المشهور سواء اسم مصدر مبتدأ بمعنى مستو ، وسوغ الابتداء به تعلق الجار والمجرور به ، وأأنذرتهم أم لم تنذرهم مؤول بمفرد خبر تقديره مستو عليهم إنذارك وعدمه ، وهو فعل مسبوك بلا سابك ، إن قلت إن خبر المبتدأ إذا وقع جملة لا بدله من رابط . اجيب بأن الخبر عن المبتدأ في المعنى وهو يكفي في الربط ، وأجيب أيضاً بأن محل الاحتياج للرابط ما لم يؤول الخبر بمفرد وإلا فلا يحتاج للرابط ، وقولهم لا بد للعفل من سابك اغلبي ويصح العكس ، وهو أن الجملة مبتدأ مؤخر وسواء خبر مقدم . قوله : ( ونحوهما ) أي من كفار مكة الذين سبق علم الله بعدم ايمانهم ، والحكمة في إخبار الله نبيه بذلك ليربح قلبه من تعلقه بايمانهم فلا يشغل بهدايتهم ولا تأليفهم ، ويحتمل أن ذلك إعلام من الله لنبيه بمن كفر من أول الزمان إلى آخره لأنه أطلعه على النار وعلى أعد لها من الكفار ، والحكمة في عدم الدعاء منه عليهم مع علمه بأنه يستحيل ايمانهم أنه يرجو الإيمان من ذريتهم ، قوله : ( بتحقيق الهمزتين ) أي مع مدة بينهما مداً طبيعياً وتركه فهما قراءتان . وقوله : ( وابدال الثانية ألفا ) أي مداً لازما وقدره ست حركات . وقوله : ( وتسهيلها ) أين بأن تكون بين الهمزة والهاء . وقوله : ( وادخال الف ) الواو بمعنى مع ، فحاصله أن القراءات خمس : قراءتان مع التحقيق وقراءتان مع التسهيل وقراءة مع الإبدال ، وكلها سبعية على التحقيق ، خلافا للبيضاوي حيث قال ان قراءة الإبدال لحن لوجهين : الأول أن الهمزة المتحركة لا تبدل الفاً ، والثاني أن فيه التقاء السكانين على غير حده ، رد عليه ملا علي قاري بأن القراءة متواترة عن رسول الله ، ومن أنكرها كفر ، فيستدل بها لا لها ، وأما قوله أن الهمزة المتحركة لا تبدل الفاً محله في القياسي , وأما السماعي فلا لحن فيه لأنه يقتصر فيه على السماع ، وقوله فيه التقاء السكانين على غير حده تقول سهلة طول المد والسماح ، وأما قولهم كل ما وافق وجه النحو الخ ، محله في قراءة الآحاد لا في المتواترة ، وإلا فالتواتر نفسه حجة على غيره لا يحتج له . قوله : ( إعلام مع تخويف ) أي في وقت يسع التحرز من الأمر المخوف ، والا فيسمى إخباراً بالعذاب . قوله : { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ } هذا وما بعده كالعلة والدليل ما قبله ، والمراد بالقلوب العقول وهي اللطيفة الربانية القائمة بالشكل الصنوبري قيام العرض بالجوهر أو قيام حرارة النار بالفحم . قوله : ( طبع عليها ) هذا اشارة الى المعنى الأصلي فأطلقه وأراد لازمه وهو عدم تغيير ما في قلوبهم بدليل قوله فلا يدخلها خير ، وفي القلوب استعارة بالكناية ، حيث شبه قلوب الكفار بمحل فيه شيء مختوم عليه وطوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو الختم فإثباته تخييل . قوله : ( أي مواضعه ) انما قدر ذلك المضاف لأن السمع معنى من المعاني لا يصح اسناد الختم لها . وإفراده ، إما لأنه مصدر لا يثنى ولا يجمع ، أو لكون المسموع واحداً ، وتم الوقف على قوله : { وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } ، وقوله : { وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ } خبر مقدم و : { غِشَاوَةٌ } مبتدأ مؤخر جملة مستأنفة نظير قوله تعالى { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } [ الجاثية : 23 ] الآية ، والمراد من الغشاوة عدم وصول النور المعنوي لهم . فأطلق اللازم وأراد الملزوم وخص الثلاثة لأنها طرق العلم بالله ، قوله : { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } العذاب هو إيصال الآلام للحيوان على وجه الهوان . قله : ( قوي دائم ) إنما فسره بذلك لأن الأصل في العظم أن يكون وصفاً للأجسام فلذلك حول العبارة . قوله : ( ونزل في المنافقين ) أي في أحوالهم وهوانهم واستهزاء الله بهم وضرب الأمثال فيهم وعاقبة أمرهم ، وجملة ذلك ثلاث عشرة آية آخرها { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ البقرة : 20 ] ، وأخرهم عن المؤمنين والكافرين ظاهراً أو باطناً إشارة إلى أنهم أسوأ حالاً من الكفار .