Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 83-84)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَ } ( اذكر ) أي يا محمد والمناسب للسياق اذكروا ويكون خطاباً لبني إسرائيل ، الفروع تذكيراً لهم بقبائح أصولهم . قوله : ( وقلنا ) { لاَ تَعْبُدُونَ } قدر ذلك إشارة إلى أن جملة لا تعبدون في محل نصب مقول لقول محذوف ، وذلك القول في محل نصب على الحال من فاعل أخذنا ، التقدير ، وأذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل حال كوننا قائلين لا تعبدون إلخ ، ويحتمل أن جملة لا تعبدون إلا الله مفسرة للميثاق لا محل لها من الإعراب والاحذف وهو الأقرب . قوله : ( بالتاء والياء ) أي فهما قراءتان سبعيتان ولا التفات في ذلك على ما قرره المفسر من تقدير القول ، وعلى الإحتمال الثاني ففيه التفات على قراءة التاء من الغيبة إلى الخطاب فإن الإسم الظاهر من قبيل الغيبة . قوله : ( خبر بمعنى النهي ) أي فهي جملة خبرية لفظاً لعدم جزم الفعل إنشائية معنى لأن القصد النهي عن عبادة غير الله ! لا الإخبار عنهم بأنهم لا يعبدون غير الله ، والحكمة في التعبير عن الإنشاء بالخبر استبعاد ذلك منهم وتقوية للإنشاء ، كأنه قيل لا ينبغي أن تعبدوا غير الله حتى ننهاكم عنه ، بل أخبر عنهم بأنهم لا يعبدون إلا الله كأنه لم يقع منهم عبادة لغيره أبداً . قوله : ( وقرئ ) أي قراءة شاذة لأن قاعدة المفسر يشير للشاذة بقرئ وللسبعية بأي قراءة غالباً . قوله : ( وأحسنوا ) قدر ذلك إشارة إلى أنه من عطف الجمل على جملة لا تعبدون ، وأتى بحق الوالدين عقب حق الله ، إشار إلى أنه آكد الحقوق بعد عبادة الله . قال تعالى : { أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } [ لقمان : 14 ] فإنهما السبب في وجود الشخص ويجب برهما ولو كافرين ، وبالجملة فلم يشدد الله على أمر كتشديده على برهما . قوله : ( عطف على الوالدين ) أي من عطف المفردات ، وأحسنوا مسلط عليه التقدير ، واحسنوا بذي القربى لأن حق القرابة تابع لحق الوالدين والإحسان اليهم إنما هو بواسطتهما . قوله : { وَالْيَتَامَىٰ } جمع يتيم وهو من الآدميين من فقد أباه ، ومن غيرهم من فقد أمه . قوله : { وَٱلْمَسَاكِينِ } المراد ما يشمل الفقراء فإن الفقير والمسكين متى اجتمعا افترقا ومتى افترقا اجتمعا قوله : { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ } أي عموماً ومنه الحديث " وخالق الناس بخلق حسن " . قوله : ( قولاً ) { حُسْناً } أشار بذلك إلى أن حسناً بفتحتين صفة مشبهة لموصوف محذوف . قوله : ( والنهي عن المنكر ) أي على حسب مراتبه من النهي باليد ثم اللسان ثم القلب . قوله : ( والرفق بهم ) أي بالناس بأن يوقر كبيرهم ويرحم صغيرهم . قوله : ( وفي قراءة ) أي سبعية . قوله : ( مصدر ) أي على غير قياس إن كان فعله أحسن وهو المتبادر ، وقياسي إن كان فعله حسن كظرف وكرم . قوله : ( وصف به مبالغة ) أي أو على حذف مضاف على حد ما قيل في زيد عدل . قوله : { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } أي المفروضات عليهم في مثلهم ، وما نزل بقارون من الخسف به وبداره سببه منع الزكاة . قوله : ( فقبلتم ذلك ) قدر ذلك لأجل العطف بثم عليه . قوله : ( فيه التفات ) وحكمته الإستلذاذ للسامع وعدم الملل منه ، فإن الإلتفات من المحسنات للكلام . قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ } أي من أجدادكم وهو من أقام اليهود على وجهها قبل النسخ ، أي ومنكم أيضاً وهو من آمن منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه . قوله : { وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ } خطاب للفروع ويلاحظ قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } هنا كما علمت فتغاير معنى الجملتين فلا تكرار . قوله : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } المقدر اذكروا فهو خطاب لنبي إسرائيل وهو معطوف على الجملة الأولى المتعلقة بحقوق الله ، وهذه الجملة متعلقة بحقوق العباد ، فخانوا كلا من العهدين ، وهي متضمنة لأربعة عهود : الأول لا يسفك بعضهم دماء بعض ، الثاني لا يخرج بعضهم بعضاً من ديارهم ، الثالث لا يتظاهر بعضهم على بعض الإثم والعدوان ، الرابع أن وجد بعضهم بعضاً أسيراً فداه ولو بجميع ما يملك . قوله : { مِيثَاقَكُمْ } أي ميثاق آبائكم في التوراة ، فإن هذا خطاب لقريظة وبني النضير الكائنين في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( وقلنا ) { لاَ تَسْفِكُونَ } قدر القول إشارة إلى أن الجملة في محل نصب مقول لقول محذوف ، والجملة حالية من فاعل أخذنا ، التقدير أخذنا ميثاقكم حال كوننا قائلين ، ويحتمل أن الجملة لا محل لها من الإعراب تفسير للميثاق وتقدم ذلك في نظيره . قوله : { لاَ تَسْفِكُونَ } مضارع سفك من باب ضرب وقتل أراق الدم أو الدمع . قوله : ( بقتل بعضكم بعضاً ) أشار بذلك إلى أنه من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم ، لأنه يلزم من القتل إراقة الدم غالباً والإضافة في دمائكم لأدنى ملابسة ، فإن دم الأخ كدم النفس أو باعتبار أن من قتل يقتل ، أي فلا تتسببوا في قتل أنفسكم بقتلكم غيركم ، وهنا حذف يعلم بما يأتي أي ظلماً وعداوناً . قوله : { مِّن دِيَارِكُمْ } أصله دوار وقعت الواو إثر كسرة قلبت ياء ، وأسند الإخراج لأنفسهم مع أنهم يخرجون غيرهم ، لأن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله . قوله : { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } لم يذكر هنا بقية العهود لأن عهد عدم التظاهر بالإثم والعدوان ملاحظ في العهدين الأولين ، أما الرابع فقد وفوا به فلم يعاتبهم الرب عليه . قوله : ( على أنفسكم ) أشار بذلك إلى أن الجملة مؤكدة لجملة ثم أقررتم لأن الشهادة على النفس هي الإقرار بعينه ، ويحتمل أن قوله ثم أقررتم خطاب لبني إسرائيل الأصول ، وقوله وأنتم تشهدون خطاب للفروع ، فتغاير معنى الجملتين ولا تأكيد .