Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 36-41)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ } أي جواباً لمطلوباته ، وقوله : { سُؤْلَكَ } أي مسؤولك ، ففعل بمعنى مفعول ، كأكل وخبز ، بمعنى مأكول ومخبوز . قوله : { يٰمُوسَىٰ } خاطبه باسمه ، إشعاراً بمحبته ، وتعظيم شأنه ، ورفعة قدره صلى الله عليه وسلم . قوله : ( مناً عليك ) أي تفضلاً حاصلاً عليك ، وقدره دخولاً على ما بعده . قوله : { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ } استئناف مسوق لزيادة الطمأنينة لموسى ، كأن الله يقول له : إنا قد مننا عليك بمنن سابقة ، من غير دعاء منك ولا طلب ، فلأن نعطيك ما تطلبه بالأولى ، وصدر الجملة بالقسم ، زيادة في الاعتناء بشأنه . قوله : { مَرَّةً أُخْرَىٰ } تأنيث آخر بمعنى غير ، أي تحققت منتنا عليك مرة أخرى ، غير المنة التي تحققت لك بسؤالك ، والمراد بالمنة الجنس الصادق بالمنن الكثيرة . قوله : ( للتعليل ) أي لقوله مننا ، والمعنى لأننا أوحينا إلى أمك الخ ، ويصح أن تكون للظرفية ، والمعنى ولقد مننا عليك وقت إيجائنا إلى أمك الخ ، وحاصل ما ذكره من المنن من غير سؤال ثمانية : الأولى قوله : { إِذْ أَوْحَيْنَآ } الثانية قوله : { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ } . الثالثة قوله : { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } . الرابعة { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ } . الخامسة قوله : { وَقَتَلْتَ نَفْساً } . السادسة قوله : { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } السابعة قوله : { فَلَبِثْتَ سِنِينَ } . الثامنة قوله : { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } . قوله : { إِلَىٰ أُمِّكَ } أي واسمها يوحانذ بياء مضمومة فواو ساكنة بعدها حاء مهملة فألف فنون مكسورة فذاك معجمة . قوله : ( مناماً أو إلهاماً ) أي أو يقظة ، ولا ينافيه كونها ليست نبية ، فإن المخصوص بالأنبياء الوحي بالشرائع والتكاليف ، وأما الوحي بغير الشرع فجائز حتى للنساء ، كما وقع لمريم أم عيسى . قوله : ( لما ولدتك ) أي في السنة التي رتب فرعون اتباعه ، لذبح كل من يولد من الذكور في تلك السنة ، وذلك أن فرعون رأى رؤيا هالته ، فقصها على الكهنة ، فعبرت له بمولود يكون زوال ملكه على يديه ، فأمر أتباعه بأن يذبحوا كل من يولد من الذكور ، حتى شق الأمر ، فأبقى القتل في سنة ورفعه في سنة ، فصادف ولادة موسى ، في السنة التي فيها القتل ، فلما ولد ، جاء أتباع فرعون يفتشون عن المولود ، فوضعته أمه في التنور ، فجاءت أخته وأوقدته ، ففتشوا عليه فلم يجدوه ، فخرجوا من عندها ، فنظرت إلى التنور فوجدته موقداً ، فخافت عليه ، فناداها من التنور فأخرجته سالماً ، فأوحى الله إليها أن أرضعيه ، فإذا خفت عليه فالقيه في اليم ، فأخذت صندوقاً وجعلت فيه قطناً ووضعته فيه ، ثم طلت رأس التابوت بالقار ، وألقته في اليم ، فموجه البحر حتى أدخله في نهر كائن في بستان فرعون ، وكان فرعون جالساً مع آسية زوجته ، فأمر به فأخرج ففتح ، فإذا هو صبي أحسن الناس وجهاً ، فأحبه عدو الله حباً شديداً ، حتى إنه لم يقدر على بعده عنه ، وذلك قوله تعالى : { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } . قوله : { مَا يُوحَىٰ } أبهمه للتعظيم كقوله تعالى : { فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } [ طه : 87 ] . قوله : ( في أمرك ) أي شأنك . قوله : ( ويبدل منه ) أي بدل مفصل من مجمل . قوله : ( أي شاطئة ) المراد قربه ، لأن الصندوق أخذ من نفس البحر قريباً من البر . قوله : ( والأمر بمعنى الخبر ) أي وحكمة العدول عنه ، لما كان ألقاه البحر إياه بالساحل ، أمراً واجب الحصول لتعلق الإرادة به ، نزل البحر منزلة شخص مطيع ، أمره الله بأمر لا يستطيع مخالفته . قوله : { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } يحتمل أن المعنى ألقيت عليك محبة صادرة مني بأن أحببتك ، فتسبب عن محبتي الناس لك ، ويحتمل أن المعنى ، ألقيت عليك محبة خلقتها في قلوب الناس لك فأحبوك ، والأزل أحسن لعدم الكلفة فيه . قوله : { وَلِتُصْنَعَ } عطف على محذوف قدره المفسر بقوله : ( لتحب من الناس ) . قوله : ( تربى على رعايتي ) الخ ، أي فالعين هنا بمعنى الرعاية والحفظ ، مجازاً مرسلاً من إطلاق السبب وهو نظر العين ، على المسبب وهو الحفظ والرعاية ، لأن شأن من ينظر للشيء بعينه ، أن يحفظه ويرعاه . قوله : { أُخْتُكَ } ( مريم ) أي وكانت شقيقته ، وهي غير أم عيسى . قوله : ( لتعرف خبرك ) أي فوجدتك وقعت في يد فرعون ، فدلتهم على أمك حيث قالت : { هَلْ أَدُلُّكُمْ } الخ . قوله : ( وأنت لا تقبل ) الخ ، أي لحكمة عظيمة ، هي وقوعك في يد أمك ، لأنك لو رضعت غيرها ، لاستغنوا عن أمك . قوله : { عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ } أي يكمل رضاعه ، وقد أرضعته أمه ، قيل ثلاثة أشهر ، وقيل أربعة . قوله : { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ } معطوف على محذوف قدره المفسر بقوله : ( فأجيبت ) الخ . قوله : { كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها } أي تسكن وتبرد دمعة حزنها . قوله : { وَلاَ تَحْزَنَ } ( حينئذ ) أي حين إذ قبلت ثديها ، والمراد نفي دوام الحزن . قوله : ( هو القبطي ) أي واسمه قاب قان ، وكان طباخاً لفرعون . قوله : ( من جهة فرعون ) أي لا من جهة قتله ، فإنه كان كافراً . قوله : { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } أي خلصناك من محنة بعد أخرى ، روي أن سعيد بن جبير سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية فقال : خلصناك من محنة بعد محنة : ولد في عام كان يقتل فيه الولدان ، فهذه فتنة يا ابن جبير ، والقته أمه في البحر ، وهم فرعون بقتله ، وقتل قبطياً ، وآجر نفسه عشر سنين ، وضل الطريق ، وضلت غنمه في ليلة مظلمة ، وكان عند كل واحدة ، فهذه فتنة يا ابن جبير . قوله : { سِنِينَ } ( عشراً ) أي ولبث في مصر قبل قتل القبطي ثلاثين سنة ، وقيل خرج من مصر وهو ابن اثني عشرة سنة ، فمكث بمدين لرعي الغنم عشر سنين ، وبعدها ثماني عشرة سنة . قوله : { عَلَىٰ قَدَرٍ } أي مقدار من الزمان . قوله : { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } أي لتشتغل بأوامري وتبليغ رسالتي ، وأن تكون في حركاتك وسكناتك لي لا لغيري .