Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 71-73)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ } أي لما شاهد فرعون من السحرة السجود والإقرار ، خاف أن يقتدي الناس بهم في الإيمان بالله وحده ، فألقى شبهتين : الأولى قوله : { آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ } أي لم تشاوروني ولم تستعينوا بنظر غيركم ، بل في الحال آمنتم له ، فحينئذٍ دل ذلك على أن إيمانكم ليس عن بصيرة ، بل بسبب آخر ، الثانية قوله : { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } أي فأنتم أتباعه في السحر ، فتوطأتم معه على أن تظهروا العجز من أنفسكم ، ترويجاً لأمره وتفخيماً لشأنه ، لتنزعوا الملك مني ، وهاتان الشبهتان لا يقبلهما إلا من عنده تردد أو شك ، وأما من كشف الله عنه الحجاب كالسحرة ، فلا يدخل عليه شيء من ذلك ، لظهور شمس الهدى واتضاحها لهم . قوله : ( بتحقيق الهمزتين ) أي الأولى وهي للاستفهام ، والثانية وهي المزيدة في الفعل الرباعي ، وقوله : ( وإبدال الثانية ألفاً ) صوابه الثالثة ، وهي فاء الكلمة ، فيكون في كلامه إشارة لقراءة واحدة ، أو يقال إن معنى قوله : ( الثانية ) أي في الفعل ، بقطع النظر عن همزة الاستفهام ، وبقيت قراءة أخرى وهي تسهيل الثانية ، والثلاث سبعيات ، ولا يتأتى هنا الرابعة المتقدمة في الأعراف ، وهي قلب الأولى واواً ، لعدم الضمة قبلها هنا ، بخلاف ما تقدم ، فإنها تقدمها ضمة ، ونص الآية : قال فرعون أآمنتم ، وأصل الفعل أأمن كأكرم بهمزتين ، الأولى زائدة ، والثانية فاء الكلمة ، قلبت الثانية ألفاً على القاعدة ، قال ابن مالك : @ ومدا ابدل ثاني الهمزتين من كلمة إن يسكن كآثر وائتمن @@ ثم دخلت همزة الاستفهام . قوله : { مِّنْ خِلاَفٍ } { مِّنْ } ابتدائية أي فالقطع ابتدئ ، من مخالفة العضو للعضو . قوله : ( أي عليها ) أشار بذلك إلى أن في الكلام استعارة تبعية ، حث شبه الاستعلاء المطلق بالظرفية المطلقة ، فسرى التشبيه من الكليات للجزئيات ، فاستعيرت لفظة في الموضوعة للظرفية الخاصة ، لمعنى على الموضوعة للاستعلاء الخاص بجامع التمكن في كل . قوله : ( على مخالفته ) متعلق بكل من أشد وأبقى . قوله : { قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا } أي قالوا ذلك غير مكترثين بوعيده لهم . قوله : { مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } أي المعجزات الظاهرة ، وجمعها باعتبار ما اشتملت عليه العصا واليد من الخوارق العادات ، وإنما نسب المجيء لهم ، وإن كان موسى جاء بها لفرعون وقومه أيضاً ، لأنهم هم المنتفعون بها . قول : ( قسم ) أي وجوابه محذوف تقديره لا نؤثرك على الحق ، ولا يجوز أن يكون . قوله : { لَن نُّؤْثِرَكَ } جوابه ، لأن القسم لا يجاب بلن إلا شذوذاً ، ولا ينبغي حمل التنزيل عليه . قوله : ( أو عطف على ما ) أي والتقدير لن نؤثرك على الذي جاءنا من البينات ، ولا على الذي فطرنا . قوله : { فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ } اقض فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت و { مَآ } اسم موصول مفعوله ، وأنت قاض صلته ، والعائد محذوف تقديره الذي أنت قاضيه ، وقد أشار لهذا ابن مالك بقوله : @ كَذَاك حذف ما يوصف خفضا كأنت قاض بعد أمر من قَضَى @@ وهو جواب عن تهديده المذكور ، كأنهم قالوا : لا نبالي بك ولا بتهديدك ، فافعل ما بدا لك ، ولم يثبت في الكتاب ، ولا في السنة ، أنه فعل ما هددهم به . قوله : ( النصب على الاتساع ) أي ، نصب هذه المبدلة منه الحياة الدنيا على نزع الخافض . قوله : { وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ } معطوف على { خَطَايَانَا } أي ويغفر لنا الذي أكرهتنا عليه من السحر . قوله : ( تعلماً وعملاً ) أي لأن فرعون كان يخبره الكهنة ، بظهور مولود من بني إسرائيل ، يكون زوال ملكه على يديه ، فلعلهم كانوا يصفونه له بهاتين المعجزتين ، فأحب أن يتهيأ لمعارضته بإكراه الناس على تعليم السحر ، وإكراههم أيضاً على الإتيان بهم من المدائن البعيدة ، ومما يدل على كونهم مكرهين على عمله ، ما روي أنهم قالوا لفرعون : أرنا موسى وهو نائم ، ففعل ، فوجدوه تحرسه عصاه ، فقالوا : ما هذا ساحر ، فإن الساحر إذا نام بطل سحره ، فأبى إلا أن يعارضوه . قوله : { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } رد لقوله : { وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } .