Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 22-27)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } { لَوْ } حرف شرط ، و { كَانَ } تامة فعل الشرط و { آلِهَةٌ } فاعلها ، و { فِيهِمَآ } متعلق بكان ، و { إِلاَّ } بمعنى غير صفة لآلهة ، ظهر إعرابها فيما بعدها ، وقوله : { لَفَسَدَتَا } جواب الشرط ، ففعل الشرط يقال له المقدم ، وجوابه يقال له التالي ، واستثناء نقيض التالي ، ينتج نقيض المقدم . المعنى لكنهما لم تفسدا ، فلم يكن فيهما آلهة غير الله ، والجمع في { آلِهَةٌ } ليس قيداً ، وكذا قوله : { فِيهِمَآ } وإنما أتى بذلك ، رداً على الكفار في اتخاذهم الآلهة في السماء والأرض . قوله : ( أي غيره ) أشار بذلك إلى أن { إِلاَّ } صفة بمعنى غير ، فهي اسم ، لكن لم يظهر إعرابها به إلا فيما بعدها ، لكونها على صورة الحرف ، ولا يجوز أن تكون أداة استثناء ، لا من جهة المعنى ، ولا من جهة اللفظ ، أما الأول فلأنه يلزم منه نفي التوحيد ، إذ التقدير : لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا ، فيقتضي بمفهومه ، أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا وهو باطل ، وأما الثاني : فلأن المستثنى منه يشترط أن يكون عاماً ، وآلهة جمع منكر في الإثبات ، فلا عموم له ، فلا يصح الاستثناء منه . قوله : ( لوجود التمانع بينهم ) أي التخالف بين الآلهة ، ويسمى الدليل على ذلك ، ببرهان التمانع والتطارد في فرض اختلافهما . وتقريره أن يقال : لو فرض إلهان متصفان بصفات الألوهية ، وأراد أحدهما إيجاد شيء والآخر إعدامه ، فإما أن يتم مرادهما معاً وهو باطل ، للزوم اجتماع الضدين ، أو لا يتم مرادهما معاً وهو باطل ، للزوم عجز من لا يتم مراده ، وعجز من يتم مراده أيضاً ، لوجود المماثلة بينهما ، فبطل التعدد وثبت الوحدانية ، وإذا فرض اتفاقهما ، فهو باطل ، لوجود برهان التوارد ، وتقريره أيضاً أن يقال : لو فرض إلهان ، وأرادا معاً إيجاد شيء ، فإما أن يحصل بإرادتهما معاً وذلك باطل ، لأنه يلزم عليه اجتماع مؤثرين على أثر واحد ، أو يسبق أحدهما إلى إيجاده ، فيلزم عليه عجز الآخر ، أو تحصيل الحاصل ، ويلزم عجز الأول ، لوجود المماثلة بينهما ، واعلم أن الدليل على ثبوت الوحدانية لله ، النقل والعقل ، أما النقل فآيات كثيرة جداً منها { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ البقرة : 63 ] { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ } [ البقرة : 255 ] { هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ آل عمران : 6 ] إلى غير ذلك ، وأما العقل فقد علمنا الله كيفيته بقوله تعالى : { مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } [ المؤمنون : 91 ] وكهذه الآية . إذا علمت ذلك ، فالدليل في هذه الآية قطعي كما هو الحق ، لكون الفساد مرتباً على فرض الاتفاق والاختلاف ، وليس إقناعياً بحسب ما يفهمه المخاطب ؛ خلافاً لما تقتضيه عبارة المفسر ، حيث أحاله على العادة ، وبهذه الآية انتفت الكموم الخمسة : الكم المتصل في الذات وهو التركيب فيها ، والكم المنفصل فيها وهو النظير فيها ، والكم المتصل في الصفات وهو التركيب فيها ، والكم المنفصل فيها وهوا لنظير ، والكم المنفصل في الأفعال ، وهو المشارك له فيها ، والمتصل فيها لا ينفى ، لأنه ثابت ، لأن أفعاله كثيرة على حسب شؤونه في خلقه . قوله : ( الكرسي ) الصواب إبقاء العرش على ما هو عليه ، لأن التحقيق أن العرش جسم عظيم محيط بالعالم برمته ، والكرسي تحته ، رخص العرش بالذكر ، لأنه أعظم من غيره ، فإذا كان الله رب العرش ، كان رب غيره بالأولى . قوله : { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } أي لا يسأل عما يحكم في عباده ، من إعزام وإذلال ، وهدى وإضلال ، وإسعاد وإشقاء ، لأن الرب الخالق المالك لجميع الأشياء . إذا علمت ذلك ، فالاعتراض على أفعال الله ، إما كفر أو قريب منه . قوله : { وَهُمْ يُسْأَلُونَ } يقال للخلق : لم فعلتم كذا ؟ لأنهم عبيد يجب عليهم امتثال أمر مولاهم ، وتبين بهذا ، أن من يسأل عن أعماله كعيسى والملائكة ، لا يصلح للألوهية . قوله : { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً } إضراب انتقالي ، من بطلان التعدد ، إلى إظهار بطلان اتخاذهم تلك الآلهة من غير دليل على ألوهيتها . قوله : ( فيه استفهام توبيخ ) أي من حيث إن { أَمِ } بمعنى الهمزة ، وسكت عن كونها بمعنى بل هنا ، والمناسب لما تقدم أنها بمعناها أيضاً . قوله : ( على ذلك ) أي الاتخاذ ، كأن الله يقول لهم : نحن قد أتينا ببراهين دالة على وحدانيتنا ، فأتوا ببرهان يدل على ثبوت الشريك لنا . قوله : { هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ } أي عظتهم ومتمسكهم على التوحيد . قوله : ( ليس في وادحد منها ) أي فراجعوها وانظروا ، هل في واحد منها غير الأمر بالتوحيد والنهي عن الإشراك ؟ قوله : { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } إضراب انتقالي ، من محاجتهم إلى بيان أنهم كالبهائم ، لا يميزون بين الحق والباطل . قوله : { ٱلْحَقَّ } الكلام على حذف مضاف ، أي توحيد الحق . قوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } الخ ، تقرير لما قبله من كون التوحيد ، نطقت به الكتب القديمة واجتمعت عليه الرسل . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً . قوله : { وَقَالُواْ } الضمير عائد على فرق من العرب ، وهم خزاعة وجهينة وبنو سلمة حيث قالوا : الملائكة بنات الله . قوله : ( والعبودية تنافي الولادة ) أي لأن عبد الإنسان لا يكون ولده ، وهذا بحسب المعتاد عندهم . قوله : { وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } أي لا يخالفونه في القول ولا العمل .