Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 47-51)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ } هذ الآية آخر خطابات قريش في هذه السورة ، والجمع في الموازين للتعظيم ، فإن الصحيح أنه ميزان واحد لجميع الأمم ولجميع الأعمال ، وهو جسم مخصوص له لسان وكفتان وعامود ، كل كفة قدر ما بين المشرق والمغرب ، ومكانه قبل الصراط ، كفته اليمنى للحسنات وهي نيرة عن يمين العرش ، وكفته اليسرى للسيئات ، وهي مظلمة عن يساره ، يأخذ جبريل بعاموده ناظراً إلى لسانه ، وميكائيل أمين عليه ، يحضره الجن والإنس ، ووقته بعد الحساب ، ولا يكون الوزن في حق كل أحد ، بل هو تابع للحساب ، فمن حوسب وزنت أعماله ، ومن لا فلا ، والحق أن الكفار توزن أعمالهم السيئة غير الكفر ، ليجازوا عليها بالعقاب ، زيادة على عذاب الكفر ، وأعمالهم الحسنة التي لا تتوقف على نية كالعتق وصلة الرحم والوقف ، فيخفف عنهم بذلك من عذاب الكفر ، فتوزن أعمالهم لأجل ذلك ، لا للنجاة من عذاب الكفر ، فإنه لا يخفف عنهم ولا ينقطع ، وأما قوله تعالى { فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً } [ الكهف : 105 ] فمعناه نافعاً بحيث ينجون من الخلود في النار ، وقيل حسناتهم التي فعلوها ، يجاوزن عليها في الدنيا ، كصحة وعافية ، ولا يجازون عليها في الآخرة أصلاً ، واختلف هل الوزن بصنج أولا ، واستظهر الأول تحقيقاً للعدل ، فتوضع السيئات في مقابلة الحسنات ، فإن رجح أحدهما ، وضع صنج بقدر ما رجح ، فينعم بقدره ، أو يعذب بقدره ، فإن لم يكن له إلا حسنات فقط ، أو سيئات فقط ، وضعت الصنج في الكفة الأخرى . واختلف أيضاً ، هل الأعمال تصور وتوزن ، فالحسنات تصور بصورة حسنة نورانية ، ثم توضع في كفة الحسنات ، والسيئات تصور بصورة قبيحة ظلمانية ، ثم توضع في كفة السيئات ، أو توزن الصحائف ، أو توزن الأشخاص ؟ ولا مانع من حصول ذلك كله . قوله : { ٱلْقِسْطَ } أفرد لأنه مصدر ، وصف به مبالغة أو على حذف مضاف . قوله : { شَيْئاً } إما مفعول ثان أو مفعول مطلق . قوله : { وَإِن كَانَ } ( العمل ) قدره المفسر إشارة إلى أن { كَانَ } ناقصة اسمها مستتر يعود على ( العمل ) و { مِثْقَالَ } بالنصب خبرها ، وفي قراءة سبعية برفعه على أنها تامة . قوله : { مِّنْ خَرْدَلٍ } المراد أقل قليل . قوله : { وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } أي عالمين ، والمقصود منه التحذير ، لأن الإنسان العاقل ، إذا علم أن الله تعالى يحاسبه مع القدرة عليه ، وإحاطة علمه بجزئيات أعماله ، فإنه يكون على حذر وخوف منه . قوله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ } شروع في ذكر قصص الأنبياء ، تسلية له صلى الله عليه وسلم ، وزيادة في علم أمته ، وذكر منها عشر قصص : الأولى قصة موسى وهارون ، الثانية قصة إبراهيم ، الثالثة قصة لوط ، الرابعة قصة نوح ، الخامسة قصة داود وسليمان ، السادسة قصة أيوب ، السابعة قصة إسماعيل وإدريس وذي الكفل ، الثامنة قصة يونس ، التاسعة قصة زكريا ، العاشرة قصة مريم وعيسى صلوات الله وسلامه على الجميع . قوله : { وَضِيَآءً } أي يستضاء بها من ظلمات الجهل والكفر . قوله : { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } أي عذابه . قوله : { بِٱلْغَيْبِ } حال من الفاعل في { يَخْشَوْنَ } أي حال كونهم غائبين ومنفردين عن الناس ، والناس في ذلك مراتب ، فمنهم من يعتقد أن الله مطلع عليه ولا يغيب عنه ، ولكن قلبه غير ذائق لذلك ، وهذا محجوب قد تقع منه المعاصي ، ومنهم من يراقب الله بقلبه ، بحيث يشاهد أنه في حضرة الله ، وأنه مطلع عليه ، وهذا أعلى من الأول ، ويسمى ذلك المقام مقام المراقبة ، ومنهم من يشاهد الله بعين بصيرته ، وهذا أعلى المقامات ، ويسمى مقام المشاهدة . قوله : { وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } خصت بالذكر لكونها أعظم ما يخاف منه . قوله : { مُّبَارَكٌ } أي كثير الخير . قوله : { أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } الخطاب لأهل مكة تقريعاً لهم ، أي إن هذا القرآن فيه تذكيركم ، وفيه خير كثير ، أيليق منكم إنكاره والاستهزاء به . قوله : ( أي هداه قبل بلوغه ) المراد بالهدى الاهتداء لصلاح الدين والدنيا ، حين خرج من السرب وهو صغير ، وتفكر واستدل بالكواكب على وحدانية الله ، وليس المراد به النبوة ، وقيل من قبل موسى وهارون ، وعليه فالمراد بالرشد النبوة ، فتحصل أنه وإن كان المراد بقوله : { قَبْلُ } قبل البلوغ ، فالمراد بالرشد الاهتداء لصلاح الدين والدنيا ، لأن الله لم يتخذ ولياً جاهلاً بمعرفته فضلاً عن نبي ، وإن كان المراد به قبل موسى وهارون ، فالمراد بالرشد النبوة وإرشاد الخلق . قوله : { وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ } أي ولم نزل كذلك .