Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 65-68)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ } أي انقلبوا إلى المجادلة والكفر ، بعد استقامتهم بالمراجعة ، ونكسوا بالتخفيف مبنياً للمفعول في القراءة العامة ، وفاعل النكس هو الله كما يشير له المفسر ، وقرئ شذوذاً بالتشديد وبالتخفيف مبيناً للفاعل . قوله : ( أي ردوا إلى كفرهم ) أي الاستمرار عليه . قوله : ( وقالوا والله ) أشار بذلك إلى أن قوله : { لَقَدْ عَلِمْتَ } الخ ، جواب قسم محذوف . قوله : ( بكسر الفاء ) أي مع التنوين وتركه ، وقوله : ( وفتحها ) أي بترك التنوين ، فالقراءات ثلاث سبعيات . قوله : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، والتقدير أجهلتم فلا تعقلون . - فائدة - ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لم يكذب ابراهيم إلا ثلاث كذبات ، ثنتان منهما في ذات الله ، قوله : { إِنِّي سَقِيمٌ } ، وقوله : { كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } ، وقوله لسارة : ( هذه اختي ) " والمعنى لم يتكلم بكلام صورته صورة لاكذب ، إلا هذه الكلمات الثلاث ، فقوله : { إِنِّي سَقِيمٌ } أراد سقيم القلب من ضلالتكم ، ووله : { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } تبكيت لقومه : قوله : ( هذه أختي ) أي في الدين والخلقة ، فهذه الألفاظ صدق في نفسها ، ليس فيها كذب أصلاً ، ومعنى كون الأولى والثانية في ذات الله ، أنهما من أجل غيرته على الله ، وأما الثالثة فمن أجل غيرته زوجته ، وهذا ما فتح الله به . قوله : { قَالُواْ حَرِّقُوهُ } القائل ذلك : النمروذ بن كنعان بن سنحاريب بن نمروذ بن كوس بن حسام بن نوح عليه السلام ، وقيل رجل من أكراد فارس اسمه هينوب ، خسف الله به الأرض . والحكمة في اختيارهم التحريق على غيره من أنواع القتل ، أن إبراهيم بادأهم بالفضيحة والشتنيع عليهم ، فأحبوا أن يجازوه بما فيه التشنيع والشهرة . قوله : ( فجمعوا له الحطب ) الخ ، حاصل القصة في ذلك : أنه لما اجتمع نمروذ وقومه لأحراق إبراهيم ، حبسوه في بيت ، وبنوا بنياناً كالحظيرة بقرية يقال لها كوثى ، ثم جمعوا له صلاب الحطب وأصناف الخشب مدة شهر ، حتى كان الرجل يمرض فيقول : لئن عوفيت لأجمعن حطباً لإبراهيم ، وكانت المرأة تنذر في بعض ما تطلبه ، لئن أصابته لتحطبن في نار إبراهيم ، وكانت المرأة تغزل وتشتري الحطب بغزلها احتساباً في دينها ، وكان الرجل يوصي بشراء الحطب وإلقائه فيه ، فلما جمعوا ما أرادوا ، وأشعلوا في كل ناحية من الحطب ناراً فاشتعلت النار واشتدت ، حتى إن كان الطير ليمر بها ، فيحتق من شدة وهجها وحرها ، فأوقدوا عليها سبعة أيام ، فلما أرادوا أن يلقوا إبراهيم ، فلم يعلموا كيف يلقونه ، فقيل : إن إبليس جاء وعلمهم عمل المنجنيق فعملوه ، ثم عمدوا إلى إبراهيم ، فقيدوه ورفعوه على رأس البنيان ، ووضعوه في المنجنيق مقيداً مغلولاً ، فصاحت السماء والأرض ومن فيهما من الملائكة وجميع الخلق إلا الثقلين صيحة واحدة : أي ربنا ، إبراهيم خليلك يلقى في النار ، وليس في أرضك أحد يعبدك غيره ، فائذن لنا في نصرته ، فقال الله تعالى : إنه خليلي ، ليس لي خليل غيره ، وأنا الإله ليس له إله غيري ، فإن استغاث بأحدكم أودعاه فلينصره ، فقد أذنت له في ذلك ، وإن لم يدع غيري ، فأنا وليه وأنا أعلم به ، فخلوا بيني وبينه ، فلما أردوا إلقاءه في النار ، أتاه خازن المياه وقال : إن أردت أخمدت النار ، وأتاه خازن الهواء وقال : إن شئت طيرت النار في الهواء ، فقال إبراهيم : لا حاجة لي إليكم ، حسبي الله ونعم الوكيل ، روي أنه قال حين أوثقوه ليلقوه في النار : لا إله إلا أنت سبحانك ، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك . ثم رموا به في المنجنيق إلى النار ، فاستقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا ، قال جبريل : فاسأل ربك ، فقال إبراهيم : حسبي من سؤالي علمه بحالي ، وكان وقت إلقائه فيها ابن ستة عشرة سنة ، وقيل ابن ست وعشرين سنة ، ولما ألقي فيها ، جعل كل شيء يطفئ النار إلا الوزغ ، فإنه كان ينفخ في النار ، فصم بسبب ذلك ، وأمر صلى الله عليه وسلم بقتله ، وكان من قتل وزغة في أول ضربة كتب له مائة حسنة ، وفي الثانية دون ذلك ، وفي الثالثة دون ذلك . ذكر بعض الحكماء ، أنا الوزغ لا يدخل بيتاً في زعفران . ومدة مكثه في النار سبعة أيام ، وقيل أربعون يوماً ، وقيل خمسون يوماً . قوله : ( في منجنيق ) آلة ترمى بها الحجارة ، فارسي معرب ، لأن الجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلام العرب .