Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 83-86)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَأَيُّوبَ } قدر ( اذكر ) إشارة إلى أن { أَيُّوبَ } معمول لمحذوف . قوله : ( ويبدل منه ) أي من أيوب ، والمعنى اذكر قصة أيوب { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } ففي الحقيقة الإبدال من المضاف المقدر كما تقدم نظيره وسيأتي . قوله : ( لما ابتلي ) متعلق بنادى . قوله : ( بفقد جميع ماله ) أي فجملة ابتلاه الله به أربعة أمور . وحاصل قصته باختصار : أن أيوب كان رجلاً من الروم ، وهو ابن أموص بن رازخ بن روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم ، وكانت أمة من ولد لوط بن هاران أخي ابراهيم ، وكان له من أصناف المال كله من الإبل والبقر والغنم والخيل والحمر ، ما لا يكون لرجل أفضل منه في العدة والكثرة ، وكان له خمسمائة فدان ، يتبعها خمسمائة عبد ، لكل عبد امرأة وولد ومال ، وكان له أهل وولد من رجال ونساء ، وكان نبياً تقياً شاكراً لأنعم ربه ، وكان معه ثلاثة نفر قد آمنوا به ، وكانوا كهولاً ، وكان إبليس لا يحجب عن شيء من السماوات ، فيقف فيهن من حيث ما أراد ، فسمع صلاة الملائكة على أيوب فحسده وقال : إلهي نظرت في عبدك أيوب ، فوجدته شاكراً حامداً لك ، ولو ابتليته لرجع عن شكرك وطاعتك ، فقال له الله : انطلق فقد سلطتك على ماله ، فانطلق وجمع عفاريت الشياطين والجن وقال لهم : قد سلطت على مال أيوب ، فقال عفريت : أعطيت من القوة ، ما إذا شئت تحولت إعصاراً من نار فأحرقت كل شيء آتي عليه ، قال إبليس : اذهب فائت الإبل ورعاتها ، فلم يشعر الناس حتى ثار من تحت الأرض إعصار من نار ، فأحرق الإبل ورعاتها ، حتى أتى على آخرها ، ثم جاء إبليس على صورة القيم على قعود إلى أيوب ، فوجده قائماً يصلي فقال له : أحرقت نار إبلك ورعاتها ، فقال أيوب : الحمد لله هو أعطانيها وهو أخذها ، ثم سلط عفريتاً على الغنم ورعاتها ، فصاح عليهم فماتوا جميعاً ، وعلى الحرث فتحول ريحاً عاصفاً فأطارها ، ثم جاء إبليس وأخبر أيوب بذلك ، فحمد الله وأثنى عليه ، فلما رأى أنه قد أفنى ماله ولم ينجح منه شيء ، صعد إلى السماء وقال : يا رب سلطني على أولاده ، فقال له : انطلق فقد سلطتك على أولاده ، فذهب إليهم وزلزل بهم القصر وقلبه عليهم فماتوا جميعاً ، ثم جاء في صورة المعلم الذي يعلمهم الحكمة ، وهو جريح مشدوخ الرأس يسيل دمه ، فأخبره بموت أولاده ، وفصل له ذلك حتى رق قلبه وبكى ، وقبض قبضة من التراب فوضعها على رأسه وقال : يا ليت أمي لم تلدني ، ففرح إبليس وصعد إلى السماء سريعاً لينظر ما يفعل به ، فأوحى الله إلى أيوب إنه إبليس فاستغفر ، فوقف إبليس خاسئاً ذليلاً فقال : يا رب سلطني على جسده ، فقال له : انطلق فقد سلطتك على جسده ، غير قلبه ولسانه وعقله ، فانقض عدو الله سريعاً ، فأتاه فوجده ساجداً ، فنفخ في منخريه نفخة اشتعل منها جسده ، فخرج منها ثآليل مثل إليات الغنم ، ووقعت فيه حكة ، فحك بأظفاره حتى سقطت كلها ، ثم حكها بالمسوح الخشنة حتى قطعها ، ثم حكها بالفخار والحجارة الخشنة ، فلم يزل كذلك حتى تقطع جسده وأنتن ، فأخرجه أهل القرية وجعلوه على كناسة ، وجعلوا له عريشاً ، وهجره الناس كلهم إلا زوجته رحمة بنت أفراثيم بن يوسف بن يعقوب ، فكانت تخدمه وتأتيه بالطعام ، وهجره الثلاثة الذين آمنوا به ، ولم يتركوا دينهم ، ونقل أن سبب قوله : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } أن الدود قصد قلبه ولسانه ، فخشي أن يفتر عن الذكر ، ولا ينافي صبره قوله : { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ } لأن شكوى للخالق ، وهي لا تنافي الصبر . إن قلت : إن الأنبياء يستحيل عليهم المنفر من الأمراض . أجيب بأن ما نزل به ليس من المنفرات في شيء ، وإنما هو حرارة وحكة ، ظهرت من آثار نفخ اللعين إبليس ، وأعظم الله ضرها لخصوص أيوب تعظيماً لقدره ، لأن أشد الناس بلاء ، الأنبياء ثم الأولياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، كما ورد بذلك الحديث . قوله : ( أو ثماني عشرة ) هذا هو الصحيح . قوله : ( وضيق ) إما فعل مبني للمفعول عطف على ( ابتلي ) أو مصدر عطف على فقد . قوله : { وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } تعريض بطلب الرحمة . قوله : { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } أي الذي في ضمنه الدعاء . قوله : { فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ } روي أن الله تعالى قال له : اركض برجلك الأرض فركض ، فخرجت عين ماء ، فأمره أن يغتسل منها ففعل ، فذهب كل داء كان بظاهره ، ثم مشى أربعين خطوة ، فأمره أن يضرب برجله الأرض مرة أخرى ففعل ، فنبعت عين ماء بارد ، فأمره أن يشرب منها فشرب ، فذهب كل داء كان بباطنه ، فصار كأصح ما كان ، وهو معنى قوله تعالى في صورة ص { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } [ ص : 42 ] . قوله : ( بأن أحيوا له ) أي لأنهم ماتوا قبل انتهاء آجالهم ، وقيل رزقه الله مثلهم ، روي أن امرأته ولدت بعد ذلك ستة وعشرين ابناً . قوله : ( ثلاث أو سبع ) أي فجملتم ستة أو أربعة عشر . قوله : ( وكان له أندر ) هو الموضع الذي يدرس فيه الطعام . قوله : ( أفرغت إحداهما على أندر القمح الذهب ) أي لمناسبته له الحمرة ، وكذا يقال فيما بعده . قوله : { وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ } خصهم لأنهم المنتفعون بذلك . قوله : { وَإِسْمَاعِيلَ } عاش مائة وثلاثين سنة ، وكان له حين مات أبوه تسع وثمانون سنةن وقصة صبره على الذبح ستأتي مفصلة في سورة الصافات . قوله : { وَإِدْرِيسَ } هو جد نوح ، ولد في حياة آدم قبل موته بمائة سنة ، وبعث بعد موته بمائتي سنة ، وعاش بعد نبوته مائة وخمسون سنة ، فجملة عمره أربعمائة وخمسون سنة ، وكان بينه وبين نوح ألف سنة . قوله : { وَذَا ٱلْكِفْلِ } هذا لقبه واسمه بشر ، وهو ابن أيوب . قوله : { وَأَدْخَلْنَاهُمْ } معطوف على محذوف تقديره فأعطيناهم ثواب الصابرين وأدخلناهم الخ ، قوله : ( لأنه تكفل بصيام جميع نهاره ) الخ ، أي فكان يصوم النهار ويصلي الليل ولا يفتر ، وكان ينام وقت القيلولة ، وكان لا ينام إلا بتلك النومة ، فامتحنه إبليس لينظر هل يغضب أم لا ، فأتاه إبليس حين أخذ مضجعه ، فدق عليه الباب ، فقال : من هذا ؟ فقال : شيخ كبير مظلوم ، بيني وبين قومي خصومة ، وإنهم ظلموني ، فقام وفتح له الباب ، وصار يطيل عليه الكلام حتى ذهبت القيلولة فقال له : إذا قعدت للحكم فائتني أخلص حقك ، فلما جلس للحكم لم يجده ، فلما رجع إلى القائلة من الغد ، أتاه ودق الباب ، فقال له : من هذا ؟ فقال : الشيخ المظلوم ، ففتح الباب فقال : ألم أقل لك إذا قعدت للحكم فائتني ؟ فقال : إن خصومي أخبث قوم ، إذا علموا أنك قاعد قالوا نعطيك حقك ، وإذا قمت جحدوني ، فلما كان اليوم الثالث قال ذو الكفل لبعض أهله : لا تدعن أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام ، فإنه قد شق علي النعاس ، فلما كانت تلك الساعة جاءه إبليس فلم يأذن له الرجل ، فرأى طاقة فدخل منها ودق الباب من داخل فاستيقظ فقال له : أتنام والخصوم ببابك ، فعرف أنه عدو الله ، وقال : فعلت ما فعلت لأغضبك فعصمك الله . قوله : ( وقيل لم يكن نبياً ) أي بل كان عبداً صالحاً ، والصحيح أنه نبي بعث إلى رجل واحد .