Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 20-21)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ } الخ ، المقصود من هذه الآية ، تسليته للنبي صلى الله عليه وسلم والرد على المشركين حيث قالوا : { مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ } [ الفرقان : 7 ] الخ . قوله : { إِلاَّ إِنَّهُمْ } الجملة حالية ، وإن مكسورة باتفاق القراء ، واللام للابتداء زحلقت للخبر ، والمعنى ما أرسلنا قبلك من المرسلين في حال من الأحوال ، إلا في حالة أكلهم الطعام ، ومشيهم في الأسواق ، أي فهذه عادتهم ودأبهم ، فإن هجوك بذلك فقد هجوا جميع الأنبياء فلا تحزن . قوله : { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً } أي إن الدنيا دار بلاء وامتحان ، فجعل بعض العبيد فتنة لبعض ، ليظهر الصابر من غيره ، قوله : ( ابتلي الغني بالفقير ) الخ ، فالغني ممتحن بالفقير يحسده ، والفقير ممتحن بالغني يسخر به ويحتقره ، والصحيح ممتحن بالمريض . يقول : لم لم نعاف ، ونصير مثل هذا ، والمريض ممتحن بالصحيح يتكبر عليه ويغتر بصحته ، والشريف كالأنبياء والعلماء والصلحاء ، ممتحن بالوضيع يحسده على ما أعطاه الله وهكذا ، والمخلص من ذلك الصبر على أحكام الله والرضا بها ، لأن الواجب على الإنسان أن ينظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه ، ولا ينظر إلى من هو فوقه ، لئلا يزدري نعمة الله عليه ، وفي أمور الآخرة إلى من هو فوقه ، ليصرف نفسه فيرجع عليها باللوم والندم ، ومن هنا ينبغي صحبة الصالحين والمساكين وموافقتهم ليقتدى بهم . قوله : ( يقول الثاني ) أي الفقير والمريض الوضيع ، وقوله : ( في كل ) أي من الأقسام الثلاثة ، وبالجملة فالفتنة أن يحسد المعافى المبتلى ، والصبر أن يحبس كل منهما نفسه ، هذا عن البطر ، وهذا عن الضجر ، عن أبي الدرداء أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ويل للعالم من الجاهل ، وويل للجاهل من العالم ، وويل للمالك من المملوك ، وويل للملوك ممن المالك ، وويل للشديد من الضعيف ، وويل للضعيف من الشديد ، وويل للسلطان من الرعية ، وويل للرعية من السلطان ، بعضكم لبعض فتنة " وهو قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ } . قوله : ( استفهام بمعنى الأمر ) هذا أحد وجهين ، والوجه الآخر أن الاستفهام على حقيقته ، أي لينظر أيحصل منكم صبر أم لا ، فيجازيكم على ذلك . قوله : { وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } في ذلك تأنيس للعبد ، أي إن الله بصير ومطلع على من يصبر ومن يجزع ، فلا تنبغي الشكوى للخلق ، ولا إظهار ما في القلوب ، بل إن وجد الشخص في نفسه صبراً فليشكر الله ، وإن وجد غير ذلك ، فعليه أن يرجع إلى ربه بالندم والتوبة . قوله : ( لا يخافون البعث ) أي لأنهم منكرون له . فهم يزعمون أنهم آمنون منه . قوله : ( هلا ) أشار بذلك إلى أن { لَوْلاَ } تحضيضية . قالوا : ( فكانوا رسلاً الينا ) أي بالشرائع ونحوها بدل محمد . قوله : { أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا } أي يكشف الحجاب لنا فنراه عياناً . قوله : ( فنخبر ) بالبناء للمفعول أي يخبرنا هو بأن محمداً رسوله . قوله : ( قال تعالى ) أي رداً عليهم مقالتهم . قوله : ( تكبروا ) أي حيث لم يرضوا بأن يكون رسولهم من البشر ، بل طمعوا أن يكون من الملائكة . قوله : { فِيۤ } ( شأن ) { أَنفُسِهِمْ } أي أنهم عدوا أنفسهم كبيرة لأمر قام بها . قوله : ( بطلبهم رؤية الله ) متعلق بعتواً والباء للسببية ، ولم يذكر متعلق { ٱسْتَكْبَرُواْ } وقد علمته ، وفي الآية لف ونشر مرتب ، فالاستكبار راجع لطلبهم نزول الملائكة ، والعتق راجع لطلبم رؤية الله . قوله : ( على أصله ) أي من غير إبدال . قوله : ( بالإبدال في مريم ) أي لمناسبة رؤوس الآي ، وأصله عتووا ، كسرت التاء فوقعت الواو ساكنة إثر كسرة قلبت ياء ، ثم اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء .