Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 32-34)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الخ ، حكاية عن بعض قبائح كفار مكة ، وشبههم التي تتعلق بالقرآن ، ولما كانت الشبهة ، ربما تدخل على بعض الضعفاء ، اعتنى الله بردها والتوبيخ لمن أبداها . قوله : { لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْآنُ } { نُزِّلَ } بمعنى أنزل ، لأن نزل بالتشديد معناه الإنزال مفرقاً ، وأنزل معناه الإنزال جملة ، فلو لم يجعل بمعنى أنزل لناقضه . قوله : { جُمْلَةً } يؤيده قوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } [ القدر : 1 ] حيث عبر بأنزلنا دون نزلنا ، لأن المراد نزوله جملة في سماء الدنيا . قوله : ( قال تعالى ) أي رداً لتلك الشبهة بأمور ثلاثة ، مقتضياً لنزوله مفرقاً ، الأول تثبيت فؤاده صلى الله عليه وسلم ، الثاني ترتيله ليسهل حفظه ، الثالث قوله : { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } . قوله : ( نزلناه ) { كَذَلِكَ } أشار بذلك إلى أن قوله : { كَذَلِكَ } نعت لمصدر محذوف ، والمعنى نزلناه ترتيلاً مثل ذلك التنزيل . قوله : { لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } علة للمحذوف الذي قدره المفسر ، والمعنى أنزلناه مفرقاً ليتقوى قلبك على تلقيه ، فلا يحصل لك منه ثقل ، لأن القرآن في نفسه ثقيل ، سيما على من لم يقرأ ولم يكتب ، قال تعالى : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } [ المزمل : 5 ] ولذلك لما نزل عليه صلى الله عليه وسلم ( اقرأ ) فتر الوحي ثلاث سنين ليشتاق للتلقي ، فإن الشيء إذا جاء على شوق كان أثبت . قوله : { وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً } أي فرقناه آية بعد آية ، وشيئاً بعد شيء ، في عشرين أو ثلاث وعشرين سنة . قوله : ( لتيسر فهمه وحفظه ) أي لك ولأمتك عن ظهر قلب ، وهذه عطية لهذه الأمة المحمدية لم يعطها غيرهم ، ولذا ورد : " وجعلت من أمتك أقواماً قلوبهم أناجيلهم " ومن هنا كان تعليم القرآن بالتدريج سيما للأطفال ، ليثبت في قلوبهم ، واغتفر التنكيس في تعليمه ليسهل حفظه ، فإن الطفل إذا رأى السورة قصيرة ، قوي على حفظها ونشط لما بعدها . قوله : { وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } أي سؤال عجيب ، يريدون به القدح في نبوتك . قوله : { إِلاَّ جِئْنَاكَ بِٱلْحَقِّ } استثناء مفرغ من عموم الأحوال كأنه قيل : لا يأتونك بمثل في حال من الأحوال ، إلا في حال إتياننا إليك بالحق ، وبما هو أحسن بياناً له ، والمعنى كلما أوردوا شبهة ، أو أتوا بسؤال عجيب ، أجبنا عنه بجواب حسن ، يرده ويدفعه من غير كلفة عليك فيه ، فلو نزل القرآن جملة ، لكان النبي هو الذي يبحث في القرآن عن رد تلك الشبهة ، كالعالم الذي يكشف في الكتب عن جواب المسائل التي يسأل عنها ، فيكون الأمر موكولاً له ، فتكون الكلفة عليه ، وما كان موكولاً إلى الله ، كان أتم مما هو موكول إلى العبد ، وفيه قمع للمعاندين . قوله : { وَأَحْسَنَ } معطوف على الحق ، فهو مجرور بالفتحة للوصفية ووزن الفعل . قوله : { ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ } خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله : ( هم ) . قوله : ( أي يساقون ) أي يسحبون مقلوبين يطؤون الأرض برؤوسهم ووجوههم ، وترتفع أقدامهم بقدرة الله تعالى . قوله : ( من غيرهم ) متعلق بكل من { شَرٌّ } و { وَأَضَلُّ } ، والمراد بغيرهم باقي الكفار ، والمعنى أن من عانده صلى الله عليه وسلم ، فهو في أسوأ الأحوال وأشرها في الآخرة . قوله : ( وهو كفرهم ) الضمير عائد على السبيل .