Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 53-57)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : ( أرسلهما متجاورين ) أي أجراهما متلاصقين لا يتمازجان ، ولا يبغي أحدهما على الآخر . قوله : { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } هذه الجملة يحتمل أن تكون مستأنفة ، جواب سؤال مقدر كأنه قيل : كيف مرجهما ؟ ويحتمل أن تكون حالية بتقدير القول ، أي مقولاً فيهما هذا عذب الخ ، وسمي الماء العذب فراتاً ، لأنه يفرت العطش أي يشقه ويقطعه . قوله : ( شديد الملوحة ) أي وقيل شديد الحرارة ، وقيل شديد المرارة ، وهذا من أحسن المقابلة حيث قال : عذب فرات ، وملح أجاج . قوله : ( حاجزاً لا يختلط أحدهما بالآخر ) أي فالماء العذاب داخل في الملح وجار في خلاله ، ومع ذلك لا يتغير طعمه ولا يختلطان ، بل يبقى على كل ما هو عليه ، بسبب منع الله لكل منهما عن الآخر بحاجز معنوي لا يحس بل بمحض قدرته تعالى ، وهذا أكبر الأدلة على انفراد الله تعالى بالألوهية . قوله : { وَحِجْراً مَّحْجُوراً } تقدم أن معناه تعوذنا تعوذاً ، والمراد هنا الستر المانع ، فشبه البحرين بطائفتين متعاديتين ، كل منهما تتحصن من الأخرى ، وطوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو قوله : { حِجْراً مَّحْجُوراً } على طريق الاستعارة المكنية . قوله : { بَشَراً } أي خلقاً كاملاً مركباً من لحم وعظم وعصب وعروق ودم على شكل حسن ، قال تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] . قوله : ( ذا نسب ) الخ ، أي فقسمه قسمين ، ذوي نسب أي ذكوراً ينسب إليهم وذوات صهر ، أي أناساً يصاهر بهن ، وأخر الصهر لأنه لا يحصل إلا بعد الكبر والتزوج . قوله : ( ذا صهر ) صهر الرجل أقارب زوجته ، وصهر المرأة أقارب زوجها . قوله : { وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } أي حيث خلق من مادة واحدة ، إنساناً ذا أعضاء مختلفة ، وطباع متباعدة ، وأخلاق متعددة ، وجعله قسمين متقابلين ، فمن كان قادراً على ذلك وأمثاله ، فهو حقيق بأن لا يعبد غيره . قوله : { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } شروع في ذكر قبائح المشركين ، مع ظهور تلك الأدلة . قوله : { مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ } قدم النفع في بعض الآيات وأخره في بعضها تفنناً . قوله : { وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } أي يعاون الشيطان ويتابعه بالعداوة والشرك ، وأل في الكافر للجنس ، فالمراد كل كافر ، وقيل معنى ظهيراً مهيناً لا يعبأ به ، فعلى بمعنى عند ، والمعنى : وكان الكافر عند ربه مهاناً لا حرمة له ، مأخوذ من قولهم ظهرت به إذا نبذته خلف ظهرك . قوله : ( بطاعته ) أي الشيطان ، والباء سببية ، والمعنى صار الكافر معيناً للشيطان على معصية الله ، بسبب طاعته إياه ، والخروج عن طاعة الله . قوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } أي لم نرسلك في حال من الأحوال ، إلا في حال كونك مبشراً ونذيراً ، فمن آمن فقد تحقق بالبشارة ، ومن استمر على الكفر فله النذارة . قوله : ( على تبليغ ما أرسلت به ) أي المفهوم من قوله : { أَرْسَلْنَاكَ } . قوله : ( لكن ) { مَن شَآءَ } الخ ، أشار بذلك إلى أن الاستثناء منطقع ، والمعنى لا أطلب من أموالكم جعلاً لنفسي ، لكن من شاء أن ينفق أمواله لوجه الله تعالى طلباً لمرضاته فليفعل . قوله : ( في مرضاته تعالى ) أي كالصدقة والنفقة في سبيل الله تعالى .