Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 15-16)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ } هو بالمد بمعنى أعطينا ، وهو شروع في ذكر القصة الثانية ، وكان لداود تسعة عشر ولداً أجلهم سليمان ، وعاش داود مائة سنة ، وسليمان ابنه نيفاً وخمسين سنة ، وبين داود وموسى خمسمائة سنة وتسع وستون سنة ، وبين سليمان ومحمد صلى الله عليه وسلم ألف وسبعمائة سنة . قوله : ( بالقضاء بين الناس ) أي وهو علم الشرائع . قوله : ( ومنطق الطير ) أي تصويته . قوله : ( وغير ذلك ) أي كتسبيح الجبال . قوله : { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } أي شكر كل منهما ربه على ما أنعم عليه به . قوله : { ٱلَّذِي فَضَّلَنَا } أي أعطانا هذا الفضل العظيم . قوله : ( وتسخير الجن والإنس ) الخ ، ظاهره أن هذا كان لكل من داود وسليمان وهو كذلك ، إلا أن سليمان فاق أباه ، وكانت له السلطنة الظاهرة . قوله : { عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي الذين لم يؤتوا مثلنا ، وهذه مزية ، وهي لا تقتضي الأفضلية ، فداود وسليمان وإن أعطيا تلك المزايا ، فأولوا العزم أفضل منهما ، لأن التفضيل من الله لا بالمزايا . قوله : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } أي قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه التسعة عشرة ، مع كون النبوة والعطايا التي مع داود مستمرة معه ، وليس المراد أن نبوة داود وعطاياه انتقلت منه لسليمان وصار داود بلا شيء . قوله : { وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } أي قال سليمان لبني إسرائيل : شكراً لله على نعمه . قوله : { عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ } أي فهمنا الله أصوات الطير ، ولا مفهوم للطير ، بل كان الزرع والنبات يكلمه ويفهم كلامه ، ورد أن سليمان كان جالساً ، إذ مر به طائر يطوف ، فقال لجلسائه : أتدرون ما يقول هذا الطائر ؟ إنه قال لي : السلام عليك أيها المسلك المسلط ، والنبي لبني إسرائيل ، أعطاك الله الكرامة ، وأظهرك على عدوك ، إني منطلق إلى أفراخي ، ثم أمر بك الثانية ، وإنه سيرجع إلينا الثانية ، ثم رجع فقال لهم : يقول السلام عليك أيها الملك المسلط ، إن شئت أن تأذن لي كيما أكتسب على أفراخي حتى يثبوا ثم آتيك ، فافعل بي ما شئت ، فأخبرهم سليمان بما قال ، وأذن له فانطلق . ومر سليمان على بلبل فوق شجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه ، فقال لأصحابه : أتدرون ما يقول هذا البلبل ؟ قالوا لا يا نبي الله ، قال إنه يقول : أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء . ومر بهدهد فوق شجرة وقد نصب له صبي فخاً ، فخاف ، فقال له سليمان احذر ، فقال الهدهد : يا نبي الله هذا صبي ولا عقل له فأنا أسخر به ، ثم رجع سليمان فوجوده قد وقع في حبالة الصبي وهو في يده فقال له : ما هذا ؟ قال ما رأيتها حتى وقعت بها يا نبي الله ، قال : وحيك فأنت ترى الماء تحت الأرض ، أما ترى الفخ ؟ فقال يا نبي الله إذا نزل القضاء عمي البصر . وصاح ورشان عند سليمان بن داود فقال سليمان : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا ، قال : إنه يقول : لدوا للموت وابنوا للخراب . وصاحت فاختة فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا ، قال إنها تقول : ليست الخلق لم يخلقوا ، وليتهم إذ خلقوا علموا ما خلقوا له . وصاح عنده طاووس فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا ، قال : إنه يقول : كما تدين تدان . وصاح عنده هدهد فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا ، قال : إنه يقول : إن من لا يرحم لا يرحم . وصاح عنده صرد فقا : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا ، قال : إنه يقول : استغفروا الله يا مذنبون . فمن . ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله . وقيل : إن الصرد هو الذي دل آدم على مكان البيت ، ولذلك يقال له الصرد الصرام ، وصاحت عنده طيطرجى فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا ، قال : إنها تقول : كل حي ميت ، وكل جديد بال . وصاحت عنده خطافة فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا ، قال : إنها تقول : قدموا خيراً تجدوه . فمن ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها . وقيل : إن آدم خرج من الجنة فاشتكى إلى الله تعالى الوحشة ، فآنسه الله بالخطاف وألزمها البيوت ، فهي لا تفارق بني آدم أنساً لهم ، قال : ومعها أربع آيات من كتاب الله { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ } [ الحشر : 21 ] إلى آخرها ، وتمد صوتها بقوله : { ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ الحشر : 24 ] . وهدرت حمامة عند سليمان فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا ، قال : إنها تقول : سبحان ربي الأعلى ، عدد ما في السماوات والأرض . وصاح قمري عند سليمان فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا ، قال إنه يقول : سبحان ربي العظيم المهيمن . قال كعب : وحدثهم سليمان فقال : الغراب يقول : اللهم العن العشار ، والحدأ يقول ، : كل شيء هالك إلا وجهه ، والقطاة تقول : من سكت سلم ، والببغاء تقول : ويل لمن الدنيا همه ، والضفدع تقول : سبحان ربي القدوس ، والبازي يقول : سبحان ربي وبحمده ، والسرطان يقول : سبحان المذكور بكل مكان ، وصاح دراج عند سليمان فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا ، قال إنه يقول : الرحمن على العرش استوى . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الديك إذا صاح قال : اذكروا الله يا غافلون " . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " النسر إذا صاح قال : يا ابن آدم عش ما شئت فآخرك الموت ، وإذا صاح العقاب قال : من البعد من الناس راحة . وإذا صاح القنبر قال : إلهي العن مبغض آل محمد . وإذا صاح الخطاف قال : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } إلى آخرها فيقول { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } فيمد بها صوته كما يمد القارئ " . قوله : { وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ } قال ذلك تحدثاً بنعمة الله ، وشكراً على ما أعطاه .