Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 14-18)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً } الخ ، لما قدم سبحانه وتعالى تكاليف هذه الأمة ، وبين أن من أطاع فله الجنة ، ومن عصى فله النار ، بين هنا أن هذه التكاليف ليست مختصة بهذه الأمة ، بل من قبلهم كانوا كذلك ، وتقدم أن نوحاً اسمه عبد الغفار ، وقيل يشكر ، وكان يسمى السكن ، لأن الناس بعد آدم سكنوا اليه فهو أبوهم ، ولقب بنوح لكثرة نوحه على قومه ، وقل على خطيئته لما روي أنه مر بكلب فقال في نفسه ما أقبحه ، فأوحى الله اليه أعبتني أم أعبت الكلب ؟ اخلق أنت أحسن منه ، ونوح وهو ابن لمك بن متوشلخ ابن إدريس بن برد من أهاليل بن قينان بن نوش بن شيث بن آدم عليه السلام . قوله : ( وعمره أربعون سنة أو أكثر ) تقدم أنه اختلف في الأكثر ، فقيل بعث على رأس خمسين ، وقيل مائتين وخمسين ، وقيل مائة سنة ، وقيل غير ذلك . قوله : { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ } الخ ، الحكمة في ذكر لبثه هذه المدة ، تسليته صلى الله عليه وسلم على عدم دخول الكفار في الإسلام ، فكأن الله يقول لنبيه : لا تحزن فإن نوحاً لبث هذا العدد الكثير ، ولم يؤمن من قومه إلى القليل ، فصير وما ضجر ، فأنت أولى بالصبر ، لقلة مدة مكثك وكثرة من آمن من قومك ، والحكمة في المغايرة بين العام والسنة التفنن ، وخص لفظ العام بالخمسين ، إشارة إلى أن نوحاً لما غرقوا استراح وبقي في زمن حسن ، والعرب تعبر عن الخصب بالعام ، وعن الجدب بالسنة . قوله : ( طاف بهم وعلاهم ) أي أحاط بهم وارتفع فوق أعلى جبل أربعين ذراعاً . قوله : ( الذين كانوا معه فيها ) قيل كانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة ، وقيل تسعة أولاده الثلاثة وستة من غيرهم وقيل غير ذلك . قوله : ( ستين أو أكثر ) قيل عاش بعد الطوفان مائتين وخمسين سنة . قوله : { وَإِبْرَاهِيمَ } قرأ العامة بالنصب عطف على { نُوحاً } أو معمول المحذوف ، كما درج عليه المفسر حيث قدر ( اذكر ) وقرئ شذوذاً بالرف على أنه مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره ومن المرسلين ابراهيم . قوله : { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } أي امتثلوا ما يأمركم به على لسان نبيكم . قوله { وَٱتَّقُوهُ } أي اجتنبوا نواهيه . قوله : { ذٰلِكُمْ } أي ما ذكر من العبادة والتقوى . قوله : { خَيْرٌ لَّكُمْ } ( ما أنتم عليه ) الخ ، أي في زعمكم أن فيه خيراً ، والأحسن أن يقال : ذلكم خير لكم من جميع الحظوظات المعجلة . قوله : ( الخير ) أي وهو عبادة الله ، وقوله : ( من غيره ) أي وهو عبادة غيره . قوله : { أَوْثَاناً } جمع وثن ، وهو ما يصنع من حجر وغيره ليتخذ معبوداً . قوله : { وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً } إي تختلقونه وتخترعونه . قوله : { لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً } أي لا يستطيعون ذلك ، لعجزهم وعدم قدرتهم عليه . قوله : ( فاطلبوه منه ) أي ولا تطلبوه من غيره ، لأنه تكفل لكل دابة برزقها ، قال تعالى : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } [ هو : 6 ] . قوله : { وَٱعْبُدُوهُ وَٱشْكُرُواْ لَهُ } أي لأن بالشكر تزداد النعم ، قال تعالى : { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [ ابراهيم : 7 ] . قوله : { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي تردون فيثيب الطائع ويعذب العاصي . قوله : { وَإِن تُكَذِّبُواْ } شرط حذف جوابه تقديره : فلا يضرني تكذيبكم ، وإنما تضرون أنفسكم ، وقوله : { فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ } دليل الجواب ، ومن هنا قوله : { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } [ العنكبوت : 24 ] جمل معترضة كلام إبراهيم ، وجواب قومه له ، إشارة إلى أن المقصود بالخطاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم . قوله : ( من قبلي ) { مِن } اسم موصول مفعول كذب ، والمعنى فلم يضر الرسل تكذيب قومهم لهم . قوله : ( في هاتين القصتين ) أي قصة نوح وإبراهيم . قوله : ( وقد قال تعالى ) أي رداً على منكري البعث . قوله : ( بالياء والتاء ) أي فهما قراءتان سبعيتان .