Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 8-9)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } سبب نزولها هي وآية لقمان والأحقاف ، أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، والسابقين إلى الإسلام ، لما أسلم آلت أمه حمنة بنت أبي سفيان ، أن لا تأكل ولا تشرب ولا تستظل بسقف ، حتى تموت أو يكفر سعد بمحمد ، فأبى سعد أن يطيعها ، فصبرت ثلاثة أيام ، لا تأكل ولا تشرب ولا تستظل ، حتى غشي عليها ، فأتاها وقال لها : والله لو كان لك مائة نفس ، فخرجت نفساً نفساً ، ما كفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فإن شئت فكلي ، وإن شئت فلا تأكلي ، فلما رأت ذلك أكلت ، فنزلت الآية بالوصية عليها ، وإنما أمر الله الاولاد ببر والديهم دون العكس ، لأن الأولاد جبلوا على القسوة وعدم طاعة الوالدين ، فكلفهم الله يما يخالف طبعهم ، والآباء مجبولون على الرحمة والشفقة بالأولاد ، فوكلهم لما جبلوا عليه . قوله : ( أي إيصاء ذا حسن ) أشار بذلك إلى أن حسناً صفة لمصدر محذوف على حذف مضاف ، ويصح أن يبقى مصدريته مبالغة على حد : زيد عدل قوله : ( بأن يبرهما ) أي يحسن إليهما ، وأوجه البر كثيرة جداً منها : لين الجانب والخدمة وبذل المال لهما وطاعتهما في غير معاصي الله وغير ذلك . قوله : { وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي } أتى هنا باللام ، وفي لقمان بعلى حيث قال : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي } [ لقمان : 15 ] لأن ما هنا موفق لما قبله في قوله : { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ } [ العنكبوت : 6 ] وما في لقمان ضمن { جَاهَدَاكَ } معنى حملاك . قوله : { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } { مَا } مفعول تشرك ، أي إلهاً لا علم لك به . قوله : ( موافقة للواقع ) علة لمحذوف تقديره ذكر هذا القيد موافقة للواقع ، أي أن الواقع أن الإله واحد ، فليس إله لك به علم ، وإله لا علم لك به ، وأما الأصنام فإشراكها مع الله في العباة هزؤ وسخافة عقل ، إذ لو تأمل الكافر أدنى تأمل ، ما علم إلهاً غير الله ولا ظنه ولا توهمه . قوله : { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } فيه وعد حسن لمن بر بوالديه واتبع الهدى ، ووعيد لمن عق والديه واتبع سبيل الردى . قوله : { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي بالصالح والسيئ ، فيترتب على كل جزاؤه . قوله : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الخ ، { ٱلَّذِينَ } اسم موصول مبتدأ ، و { آمَنُواْ } صلته ، وقوله : { لَنُدْخِلَنَّهُمْ } الخ ، خبره . قوله : ( بأن نحشرهم معهم ) أي يوم القيامة ، بل ويجتمعون بهم في البرزخ ، فإذا مات المؤمن الصالح ، اجتمعت روحه بمن أحب من الأنبياء والأولياء حتى تقوم القيامة ، فحينئذ يكون موافقاً لهم في الدرجات العالية ، قال تعالى : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } [ النساء : 31 ] .