Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 106-109)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ } ظرف متعلق بما تعلق به الجار والمجرور تقديره وأولئك الذين تفرقوا في العقائد عذاب عظيم مستقر لهم يوم تبيض وجوه إلخ . يعني أنه يكون ويحصل ذلك العذاب حينئذ ، ويحتمل أن قوله : { يَوْمَ } مفعول المحذوف تقديره اذكر يوم تبيض وجوه . وبياض الوجه إما حقيقة فقد ورد أن وجه المؤمن يكون أضوأ من الشمس في رابعة النهار ، وإما كناية عن الفرج والسرور ومثله يقال في اسوداد الوجه ، وذلك حين تطاير الصحف ، فالمؤمن يأخذ كتابه بيمينه ويقول : ( هاؤم اقرؤوا كتابيه ) الآية والكافر يأخذ كتابه بشماله ويقول : ( يا ليتني لم أوت كتابية ) الآية . قوله : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } تفصيل لما أجمل أولاً ، والفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره إن اردت تفصيل فأقول لك أما الذين أسودت وجوههم وقدم في التفصيل هذا القسم مبادرة بالتحذير ، وليكون في الكلام حسن ابتداء وحسن اختتام ، فابتدأ الآية بالبشرى وختمها كذلك . قوله : ( فيلقون في النار ) أي والقاؤهم مختلف ، فمنهم من يؤخذ بالكلالبيب ، ومنهم من يؤخذ بالنواصي والأقدام ، وعلى كل حال فهم يسحبون في النار على وجوههم ، وهذه الجملة خبر المبتدأ قدره المفسر ، وذلك لأن الجزاء في المقابل هو الكون في الجنة ، فالمناسب هنا أن يكون هو الكون في النار ، وتقدير القول هنا لأجل أن يكون حذف الفاء في جواب أما مقيساً . قوله : ( ويقال لهم ) يحتمل أن ذلك من كلام الله لهم ، ويحتمل أن ذلك على لسان الملائكة . قوله : ( يوم أخذ الميثاق ) دفع بذلك ما يقال إن الآية ظاهرة فيمن ارتد بعد إيمانه لا فيمن كان كافراً واستمر على كفره ، وأجيب أيضاً بأن هذا يحمل على اليهود والنصارى ، فإنهم كانوا مؤمنين برسول الله قبل البعثة ثم كفروا به بعدها ، وأجيب أيضاً بأن قوله : { بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } أي بعد ظهور الأدلة التي توجب الإيمان . قوله : { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ } فيه استعارة بالكناية حيث شبه العذاب بشيء مر يذاق ، وطوي ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو الإذاقة فاثباتها تخييل . قوله : { بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } الباء سببية ، فالكفر سبب في اذاقة العذاب ، بخلاف الطاعات فلم يجعلها الله سبباً لدخول الجنة ، بل دخول الجنة بمحض فضل الله ، وإنما كان جزاء الكفار الخلود في النار ، لأن الكفر إنكار لكمالات الله وهي لا تتناهى ، فكان جزاؤه عذاباً لا يتناهى ، وذلك يتحقق الخلود ، بخلاف معصية المؤمن . قوله : ( أي جنته ) أي ففيه إطلاق الحال وإرادة المحل ، فالجنة محل هبوط الرحمة والرحمة ناشئة عن ذات الله فقولهم اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك ، فالمراد بالمستقر محل هبوط الرحمة وهي الجنة لا ذات الله ، قوله : { بِٱلْحَقِّ } أي الصدق . قوله : { وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } أي فحيث انتقت إرادة الظلم فالظلم منفي بالأولى ، لأن تعلق الإرادة في التعقل سابق على الفعل . قوله : { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي فيتصرف في ملكه كيف شاء . قوله : { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } أي فلا مفر منه ولا محيص عنه .