Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 15-17)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ } اللام موطئة لقسم محذوف ، أي والله لقد كان إلخ . و { لِسَبَإٍ } خبر { كَانَ } مقدم ، و { آيَةٌ } اسمها مؤخر ، و { مَسْكَنِهِمْ } حال . قوله : ( بالصرف وعدمه ) أي وفي عدم الصرف قراءتان ، وفتح الهمز وسكونها ، فالقراءات ثلاث . قوله : ( سميت باسم جد لهم ) أي وهو سبأ بن يشجب بجيم مضمومة ابن يعرب بن قحطان ، روي أن رجلاً قال : يا رسول الله ، وما سبأ ، أرض أو امرأة ، قال : ليس بأرض ولا امرأة ، ولكنه رجل ولد عشراً من العرب ، فتيامن منهم ستة ، أي سكنوا اليمن ، وتشاءم منهم أربعة أي سكنوا الشام ، فأما الذين تشاءموا ، فلخم وجذام وغسان وعاملة ، وأما الذين تيامنوا : فالأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار ، فقال رجل : يا رسول الله ، وما أنمار ؟ قال : الذين منهم خثعم وبجيلة ، والمقصود من تلك القصة ، اتعاظ هذه الأمة المحمدية ، لعتبروا ويشكروا نعمة الله عليهم ، وإلا يحل بهم ما حل بهم من قبلهم . قوله : { فِي مَسْكَنِهِمْ } بالجمع كمساجد ، والإفراد إما بكسر الكاف أو فتحها ، ففيه ثلاث قراءات سبعيات . قوله : ( باليمن ) أي وكان بينها وبين صنعاء ثلاثة أيام . قوله : ( دالة على قدرة الله ) أي فإذا تأمل العاقل فيها ، استدل على باهر قدرته ، وأنه الخالق لجميع المخلوقات . قوله : ( بدل ) أي من آية التي هي اسم كان ، وصح إبدال المثنى من المفرد ، لأنه في قوة المتعدد ، وذلك أن الجنتين لما كانتا متماثلتين ، وكانت كل واحدة دالة على قدرة الله ، من غير انضمام غيرها لها ، صح جعلهما أي واحدة ، نظير قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } [ المؤمنون : 50 ] . قوله : ( عن يمين واديهم وشماله ) هذا أحد قولين ، وقيل : عن يمين الذاهب وشماله . قوله : ( وقيل لهم ) أي على لسان أنبيائهم ، لأنه بعث لهم ثلاثة عشر نبياً ، فدعوهم إلى الله وذكروهم بنعمه ، وهذا الأمر للإذن والإباحة . قوله : { وَٱشْكُرُواْ لَهُ } أي اصرفوا نعمه في مصارفها . قوله : ( أرض سبأ ) إلخ ، أشار بذلك إلى أن قوله : { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ } خبر لمحذوف ، فهو كلام مستأنف . قوله : ( ليس بها سباخ ) جمع سبخة وهي الأرض ذات الملح . قوله : ( ولا بعوضة ) البعوض البق ، وقوله : ولا برغوث ) بضم الباء . قوله : ( فيموت ) أي القمل ومثله باقي الهوام . قوله : { وَرَبٌّ غَفُورٌ } أي يستر ذنوبهم . قوله : { فَأَعْرَضُواْ } ( عن شكره ) أي عن أمره اتباع رسله ، لما روي أنه أرسل الرسل لهم ثلاثة عشر نبياً ، فدعوهم إلى الله وذكروهم بنعمة وأنذروهم عقابه ، فكذبوهم وقالوا : ما نعرف لله علينا نعمة فقولوا له ، فليحبس عنا هذه النعم إن استطاع وكان لهم رئيس يلقب بالحمار ، وكان له ولد فمات ، فرفعه رأسه إلى السماء فبزق وكفر ، فلا يمر بأرضه أحد إلا دعاه للكفر ، فإن أجابه وإلا قتله . قوله : ( وهو ما يمسك الماء من بناء وغيره ) أي فكان واديهم أرضاً متسعة بين جبال شامخة ، فبنت بلقيس سداً حول ذلك الوادي بالصخر والقار ، وجعلت له أبواباً ثلاثة ، بعضها فوق بعض ، وصار ماء يتساقط من الجبال خلف السد من كل جهة ، فكانوا يسقون من الأعلى ، ثم من الأوسط ، ثم من الأدنى ؛ على حسب علو الماء وهبوطه ، فالعرم هو هذا السد ، وقيل : العرم اسم للفأر الذي نقب السد لما ورد أنهم كانوا يزعمون أنهم يجدون في كهانتهم أنه يخرب سدهم فأرة ، فلم يتركوا فرجة بين صخرتين ، إلا ربطوا إلى جانبها هرة ، فلما جاء ما أراده بهم ، أقبلت فأرة حمراء إلى بعض تلك الهررة ، فثاورتها حتى استأخرت على الحجر ، ثم وثبت ودخلت في الفرجة التي عندها ، ونقبت السد حتى وهنته للسيل وهم لا يدرون ، فلما جاء السيل ، دخل تلك الفرجة حتى بلغ السد ، وفاض الماء على أموالهم فأغرقها ودفن بيوتهم . قوله : { جَنَّتَيْنِ } تسميتها بذلك تهكم بهم لمشاكله الأول . قوله : ( مفرد في الأصل ) أي لأن أصلها ذوية ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها ، قلبت ألفاً فصار ذوات ، ثم حذفت الواو تخفيفاً ، ففي تثنيته وجهان : اعتبار الأصل ، واعتبار العارض ، فالأول ذواتان ، والثاني ذاتان . قوله : ( مر بشع ) قيل : هو شجر الأراك . وقيل : كل شجر له شوك . قوله : ( بإضافة أكل ) أي بضم الكاف لا غير ، وقوله : ( وتركها ) أي بضم الكاف وسكونها ، فالقراءات ثلاثة سبعيات . قوله : ( ويعطف عليه ) أي على أكل . قوله : { مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ } الصحيح أن السدر وهو النبق نوعان : نوع يؤكل ثمره وينتفع بورقه ، وهو له ثمر غض ، لا يؤكل أصلاً ، ولا ينتفع بورقه ، وهو المسمى بالضال ، وهو المراد هنا . قوله : { ذَٰلِكَ } مفعول ثان لجزينا مقدم عليه . قوله : ( بكفرهم ) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية . قوله : ( بالياء والنون ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( أي ما يناقش إلا هو ) أشار بذلك إلى أن الحصر منصب على المناقشة والتدقيق في الحساب والمؤاخذة بكل الذنوب , وإلا فمطلق المجازاة تكون للمؤمن والكافر ، لكن المؤمن يعامل بالفضل والكافر يعامل بالعدل .