Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 23-27)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ } أي إن الشفاعة لا يكون من هؤلاء المعبودين من دون الله ، من الملائكة والأنبياء والأصنام ، إلا أن يأذن الله للملائكة والأنبياء في الشفاعة لغير الكفار ، وأما الكفار فلا شفاعة فيهم لقوله تعالى : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 22 - 23 ] . قوله : ( رداً لقولهم ) إلخ ، أي حيث قالوا : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [ الزمر : 3 ] . وإيضاحه أن الشفاعة لا تكون ولا تحصل إلا بالإذن والرضا ، وهم قد ارتكبوا ما يقتضي للغضب وهو الكفر ، فكيف يطلبون الشفاعة بالكفر المقتضي للغضب ، وعدم الإذن في الشافعة ؟ إن هذا الزعم باطل . قوله : { إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } يصح وقوع من على الشافعين ، والمعنى أن لشافع أذن له في الشفاعة ، ويصح وقوعها على المشفوع لهم ، والمعنى لا تنفع الشفاعة إلا لمشفوع أذن أن يشفع له ، فاللام على كل حال متعلقة بأذن ، والضمير عائد على الموصول وفيه الوجهان . قوله : ( بفتح الهمزة ) أي والضمير عائد على الله تعالى لذكره أولاً ، وقوله : ( وضمها ) أي بالبناء للمفعول ، والآذن هو الله تعالى ، والقراءتان سبعيتان . قوله : { حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ } غاية في محذوف تقديره يتربصون ويتوقعون مدة من الزمان ، فزعين حتى إذا فزع إلى آخره ، والتضعيف للسلب كالهمزة ، كما أشار له بقوله : ( كشف عنها الفزع ) والمعنى : حتى إذا أزيل الفزع من قلوب الشافعين والمشفوع لهم ، بكلمة يتكلم بها رب العزة في الإذن بالشفاع سأل بعضهم بعضاً . قوله : ( بالبناء للفاعل ) أي والفاعل ضمير يعود على الله ، وقوله : ( والمفعول ) أي والجار والمجرور نائب الفاعل ، والقراءتان سبعيتان . قوله : ( استبشاراً ) أي لزوال الكرب والحزن عن القلوب ، واختلف هل هذا الأمر في الآخرة أو الدنيا ؟ فقيل في الآخرة ، ويؤيده ما في سورة النبأ { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } [ النبأ : 38 ] وعلى هذا فيكون في الكلام حذف ، والتقدير لا تنفع الشفاعة عند يوم القيامة ، إلا لمن أذن له ، ففزع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى إذا أراد أن يوحي بأمر وتكلم بالوحي ، أخذت السماوات والأرض منه رجفة أو رعدة شديدة خوفاً من الله تعالى ، فإذا سمع أهل السماوات بذلك ، صعقوا وخروا لله سجداً ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل ، فينتهي جبريل بالوحي حيث أمر الله تعالى " . قال الحق وهو العلي الكبير ، قال : فيقول كلهم كما قال جبريل ، فينتهي جبريل بالوحي حيث أمر الله تعالى " . وعن ابن عباس قال : كان لكل قبيلة من الجن مقعد من السماء يستمعون منه الوحي ، وكان إذا نزل الوحي ، سمع له صوت كإمرار السلسلة على الصفوان ، فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الحق وهو العلي الكبير ، ثم يقول : يكون في هذا العام كذا ويكون كذا ، فتسمعه الجن فيخبرون الكهنة ، والكهنة تخير الناس ، فيجدونه كذلك ، هلك من في السماء ، فجعل صاحب الإبل ينحر كل يوم بعيراً ، وصاحب البقر ينحر كل يوم بقرة ، وصاحب الغنم يذبح كل يوم شاة ، حتى أسرعوا في أموالهم ، فقالت ثقيف وكانت أعقل العرب : أيها الناس أمسكوا على أموالكم ، فإنه لم يمت من في السماء ، أما ترون معالمكم من النجوم كما هي ، والشمس والقمر والليل والنهار ؟ فقال إبليس : لقد حدث في الأرض اليوم حدث ، فأئتوني من كل تربة أرض فأتوه بها ، فلما شم تربة مكة قال : من ههنا جاء الحدث ، فانصتوا فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث ، فتحصل أن الفزع على القول بأنه في الآخرة يكون من جميع الخلق ، وعلى القول في الدنيا يكون من الملائكة خاصة ، والآية محتملة للأمرين ، والعموم أولى ، لأن الكفار زعموا أن آلهتهم تنفعهم في الدنيا والآخرة ، فرد الله عليهم بهذه الآية الشاملة للأمرين فتدبر . قوله : ( القول ) { ٱلْحَقَّ } أشار بذلك إلى أن الحق صفة لمصدر محذوف مقول القول . قوله : { وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ } هذا من تمام الشفعاء ، اعترافاً بعظمة الله وكبريائه . قوله : { قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ } إلخ ، هذا السؤال تبكيت للمشركين ، وإشارة إلى أن آلهتهم لا تملك لهم ضراً ضراً ولا نفعاً ، وهذه الآية بمعنى قوله تعالى : { قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } إلى قوله : { قُلِ ٱللَّهُ } . قوله : { لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } غاير بين الحرفين ، إشارة إلى أن المؤمنين مستعلون على الهدى ، كراكب الجواد يسير به حيث يشاء ، والكفار محبوسون في الضلال ، كالمنغمس في الظلمات الذي لا يبصر شيئاً . قوله : ( في الإبهام ) خبر مقدم ، و ( تطلف ) مبتدأ مؤخر ، و ( داع ) صفة لتطلف . قوله : { لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا } إلخ ، فيه تطلف بهم وتواضع ، حيث أسند الإجرام لأنفسهم والعمل للمخاطبين . قوله : ( يوم القيامة ) أي في الموقف . قوله : ( أعلموني ) أشار بذلك إلى أن أرى علمية ، فتتعدى إلى ثلاثة مفاعيل : أولها ياء المتكلم ، وثانيها الموصول ، وشركاء حال من عائد الموصول ، والقصد من ذلك تبكيتهم وإظهار خطئهم بعد إقامة الحجة عليهم . قوله : { بَلْ هُوَ } الضمير إما عائد على الله ، أو ضمير الشأن ، وما بعده مبتدأ وخبره ، والجملة خبره .