Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 47-50)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ } يحتمل أن { مَا } شرطية مفعول لسألتكم ، و { مِّن أَجْرٍ } بيان ، وقوله : { فَهُوَ لَكُمْ } جواب للشرط ، ويحتمل أنها موصولة مبتدأ ، وقوله : { فَهُوَ لَكُمْ } خبرها ، وقرن الخبر بالفاء لما في الموصول من العموم ، وعلى كل فيحتمل أن المعنى : ما أسألكم أجراً البتة ، فيكون كقولك لمن لم يعطك شيئاً أصلاً : إن أعطيتني شيئاً فخذه ، ويؤيده قوله : { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } ، وقول المفسر : ( أي لا أسألكم عليه أجراً ) ويحتمل أن المعنى : لم أسألكم شيئاً يعود نفعه علي ، فهو كقوله تعالى : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } [ الشورى : 23 ] ، وقوله : { مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } [ الفرقان : 57 ] . قوله : { قُلْ إِنَّ رَبِّي } أي مالكي وسيدي . قوله : { يَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ } مفعول { يَقْذِفُ } محذوف تقديره بقذف الباطل بالحق ، ويؤيده قوله تعالى : { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ } [ الأنبياء : 18 ] أي ندفع الباطل بالحق ونصرفه به ، ويصح أن تكون الباء للملابسة ، والمفعول محذوف أيضاً ، والتقدير : يقذف الوحي إلى أنبيائه ملتبساً بالحق ، أو ضمن يقذف معنى يقضي ويحكم ، والأقرب الأول ، لأن خير ما فسرته بالوارد . قوله : { عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } خبر ثان لأن ، أو خبر مبتدأ محذوف . قوله : ( ما غاب عن خلقه ) أي فتسميته غيباً بالنسبة للخلق ، وإلا فالكل شهادة عنده تعالى . قوله : { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ } أفاد بذلك أن الوعد منجز ومتحقق بالفعل ، فليس مجرد وعد . قوله : { وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } أي لم يبق له بداية ولا إعادة ولا نهاية ، فهو كناية عن ذهابه بالمرة ، وهذا بمعنى قوله تعالى : { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } [ الإسراء : 81 ] إن قلت : إن السورة مكية ، والكفر في ذلك الوقت ، كان له شوكة قوية ، والإسلام كان ضعيفاً ، فكيف قال { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ } إلخ ؟ أجيب بأنه لتحقق وقوعه نزله منزلة الواقع ، فعبر عنه بالماضي كقوله : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } [ النحل : 1 ] . قوله : { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي } سبب نزولها : أن الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : تركت دين آبائك فضللت ، والمعنى : فقل لهم يا محمد : إن حصل لي ضلال كما زعمتم ، فإن وبال ضلالي على نفسي ، لا يضر غيري ، وقراءة العامة بفتح اللام من باب ضرب ، وقرئ شذوذاً بكسر اللام من باب علم . قوله : { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ } الخ ، أي لأن الاهتداء لا يكون إلا بهدايته وتوفيقه . قوله : { فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } أي بسبب إيحاء ربي إلي ، أو بسبب الذي يوحيه إلي ، فما مصدرية أو موصولة ، والمعنى فهداي بفضل الله تعالى ، فحاصل المعنى المراد ، أنه إن كان بي ضلال ، فمن نفسي لنفسي ، وإن كان بي هدى ، فمن فضل الله بالوحي إلي ، على حد قوله تعالى : { مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } [ النساء : 79 ] . قوله : { إِنَّهُ سَمِيعٌ } أي يسمع كل ما خفي وما ظهر ، وقوله : { قَرِيبٌ } أي قرب مكانة لا مكان .