Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 42-47)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ } هذا امتنان آخر مرتب على ما قبله ، والمعنى : جعلنا سفينة نوح آية عظيمة على قدرتنا ، ونعمة للخلق ، وعلمناهم صنعة السفينة ، فعملوا سفناً كباراً وصغاراً لينتفعوا بها . قوله : { مِّن مِّثْلِهِ } { مِّن } إما زائدة أو تبعيضية ، وعلى كل فمدخولها حال من قوله : { مَا يَرْكَبُونَ } . قوله : ( وهو ما عملوه ) هذا أحد أقوال ثلاثة في تفسير المثل ، الثاني : إنه خصوص الإبل ، والثالث : إنه مطلق الدواب التي تركب . قوله : ( بتعليم الله ) دفع بهذا ما يقال : عادة الله تعالى إضافة صفة العبيد لأنفسهم ، وإن كان هو الخالق لها حقيقة ، فلم أضافها لنفسه ؟ فأجاب : بأن التعليم والهداية لما كانتا منه ، أضاف الخلق به ، لأن سفينة نوح التي هي أصل السفن ، كانت بمحض تعليم الله وإلهامه له . قوله : ( مع إيجاد السفن ) أي ومع ركوبهم لها . قوله : { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } الصريخ بمعنى الصارخ ، يطلق على المستغيث وعلى المغيث ، فهو من تسمية الأضداد ، والمراد الثاني . قوله : { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا } { إِلاَّ } أداة استثناء ، و { رَحْمَةً } مفعول لأجله ، وهو استثناء مفرغ من عموم الأحوال ، والمعنى : لا ننجيهم لشيء من الأشياء ، إلا لأجل رحمتنا بهم وتمتيعهم الأمد الذي سبق في علمنا . قوله : ( كغيركم ) أي وهم المؤمنون . قوله : ( من عذاب الآخرة ) أشار بذلك إلى أن لفظ الخلف ، كما يطلق على ما مضى ، يطلق على ما يأتي ، فهو من تسمية الأضداد ، وسمى ما يأتي خلفاً لغيبته عنا . قوله : ( أعرضوا ) قدره إشارة إلى أن جواب الشرط محذوف ، دل عليه قوله : { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ } إلخ . قوله : { مِّنْ آيَةٍ } { مِّنْ } زائدة ، وقوله : { مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ } { مِّنْ } تبعيضية . قوله : { إِلاَّ كَانُواْ } إلخ ، الجملة حالية . قوله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ } إلخ . أشار بذلك إلى أنهم كما تركوا حقوق الخالق ، وهذه الآية نزلت حكاية عن بعض جبابرة مكة ، كالعاص بن وائل السهمي وغيره ، كان إذا سأله المسكين قال له : اذهب إلى ربك فهو أولى مني بك ، قد منعك الله ، أفأطعمك أنا ؟ وقد تمسك بهذا بخلاء المسلمين حيث يقولون : لا نعطي من حرمه الله ، ولم يعلموا أن الفقراء يحملون زاد الأغنياء للآخرة ، ولولا الفقراء ما انتفع الغني بغناه . قوله : { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي بالصانع ، أن ينكرون وجوده ، وهم فرقة من جبابرة مكة . قوله : { مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } مفعول { أَنُطْعِمُ } وقوله : { أَطْعَمَهُ } جواب { لَّوْ } . قوله : ( في معتقدكم ) أي الفقراء المؤمنون ، لا في معتقد الكفار الأغنياء ، فإنهم ينكرون الصانع كما علمت . قوله : ( في قولكم لنا ذلك ) أشار بذلك إلى أن هذا من كلام الكفار للمؤمنين . ويؤيده ما روي : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه ، كان يطعم مساكين المسلمين ، فلقيه أبو جهل فقال : يا أبا بكر ، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء ؟ قال : قال : نعم ، قال : فما باله لم يطعمهم ؟ قال : ابتلى قوماً بالفقر ، وقوماً بالغنى ، وأمر الفقراء بالصوم ، والأغنياء بالإعطاء ، فقال أبو جهل : والله يا أبا بكر ، إن أن إلا في ضلال ، أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء ، وهو لا يطعمهم ، ثم تطعمهم أنت ؟ وقيل : إنه من كلام المؤمنين للكفار ، وقيل : من كلام الله تعالى رداً عليهم . قوله : ( موقع عظيم ) أي وهو التبكيت والتقبيح عليهم .