Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 67-69)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ } إلخ ، يقال فيها ما قيل فيما قبلها ، والمسخ تغيير الصور ، و { عَلَىٰ } بمعنى في ، والمقصود من هاتين الآيتين ، تسليته صلى الله عليه وسلم ، وتوبيخ الكفار وإعلامهم بأن الله قادر على إذهاب ما بهم من النعم في الدنيا ، وأنهم مستحقون ذلك لولا حلمه تعالى ، فهاتان الآيتان بمعنى قوله تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ } [ الأنعام : 46 ] الآية . قوله : { وَمَن نُّعَمِّرْهُ } أي من يكون في سابق علمنا طويل العمر . قوله : ( وفي قراءة بالتشديد ) أي وهما قراءتان سبعيتان ومعناهما واحد ، والمعنى نقلبه ، فلا يزال يتزايد ضعفه وتنقص قواه ؛ عكس ما كان عليه أول مرة . قوله : ( أي خلقه ) أي خلق جسده وقواه . قوله : ( ضعفاً ) مقابل قوته ؛ وقوله : ( وهرماً ) مقابل شبابه ، فهو لف ونشر مرتب ، وهذا في غير الأنبياء عليهم السلام ، وأما هم فلا يعتريهم الضعف في العقل والبدن ، وإن طال عمرهم جداً ، واستعاذته صلى الله عليه وسلم من الرد لأرذل العمر تعليم لأمته ، ويلحق بالأنبياء العلماء العاملون ، فلا يهرمون ولا يضعفون بطول العمر ، بل يكونوا على أحسن ما كانوا عليه . قوله : { أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } الهمزة داخلة على محذوف ، والتقدير أتركوا التفكر فلا يعقلون . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً . قوله : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ } هذا تنزيه من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عن آلهتهم فيما أوحاه الله إليه ، إذ لو كان للعقل فيه بعض اتهام ، لبطل الاحتجاج به . قوله : ( رد لقولهم أن ما أتى به من القرآن شعر ) أي وحينئذ فيصير المعنى : ليس القرآن بشعر ، لأن الشعر كلام مزخرف موزون مقفى قصداً مبني على خيالات وأوهام واهية ، وأين ذلك من القرآن العزيز ، الذي تنزه عن مماثلة كلام البشر . قوله : { وَمَا يَنبَغِي لَهُ } أي لا يصح ولا يليق منه ، لأن الشعر شأنه الأكاذيب ، وهي عليه مستحيلة ، ولذا قيل : أعذبه أكذبه ، فتحصل أن النبي لا ينبغي له الشعر ، ولا يليق منه . إن قلت : إنه تمثل بقول ابن رواحة : @ ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود @@ وأنشأ من نفسه قوله : @ أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب @@ وقوله : @ هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت @@ قلت : أحسن ما أجيب به : أن أنشاده بيت ابن رواحة ، وإنشاء البينين المقدمين ، لم يكن عن قصد ، وإنما وافق وزن الشعر ، كما في بعض الآيات القرآنية ، فليس كل من قال قولاً موزوناً ، لا يقصد به الشعر شاعراً ، وإنما وافق وزن الشعر .