Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 7-9)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ } أي وهو قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 119 ، السجدة : 13 ] . قوله : { عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ } أي أكثر المكلفين من كل زمن ، فالأقل متحتم إيمانه ، والأكثر متحتم كفره ، وتقدم لنا في سورة الأنعام ، أن الأقل واحد من ألف . قوله : { فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ } تفريع على ما قبله ، وأشار بذلك إلى أن الإيمان والكفر بتقدير الله ، فمن طبعه على أحدهما ، فلا يستطيع التحول عنه ، وإنما الأمر بالإيمان ، باعتبار التكليف الظاهري والنوع الاختياري ، ومن هنا قول بعض العارفين : @ الكل تقدير مولانا وتأسيسه فاشكر لمن قد وجب حمده وتقديسه وقل لقلبك إذا زادت وساوسه إبليس لما طغى من كان إبليسه @@ قوله : { إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً } قيل : نزلت في أبي جهل بن هشام وصاحبيه المخزوميين ، وذلك أن أبا جهل حلف ، لئن رأى محمداً يصلي ، ليرضخن رأسه بحجر ، فلما رآه ذهب فرفع حجراً ليرميه ، فلما أومأ إليه ، رجعت يداه إلى عنقه ، والتصق الحجر بيديه ، فلما عاد إلى أصحابه ، أخبرهم بما رأى ، فقال الرجل الثاني ، وهو الوليد بن المغيرة : أنا أرضخ رأسه ، فأتاه وهو يصلي على حالته ليرميه بالحجر ، فأعمى الله بصره ، فجعل يسمع صوته ولا يراه ، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه ، فقال الثالث : والله لأشدخن رأسه ، ثم أخذ الحجر وانطلق ، فرجع القهقري ينكص على عقبيه ، حتى خر على قفاه مغشياً عليه ، فقيل له : ما شأنك ؟ قال شأني عظيم ، رأيت الرجل فلما دنوت منه ، فإذا فحل يخطر بذنبيه ، ما رأيت قط فحلاً أعظم منه حال بيني وبينه ، فواللات والعزى لو دنوت منه لأكلني ، فأنزل الله تعالى تلك الآية ، وفيها إشارة إلى ما يحصل لهم في جهنم من السلاسل والأغلال وعمى أبصارهم ، وفيها أيضاً استعارة تمثيلية ، حيث شبه حالهم في امتناعهم من الهدى والإيمان ، بحال من غلت يده في عنقه وعمي بصره ، بجامع أن كلاً ممنوع من الوصول إلى المقصود ، فتحصل أن الآية دالة على الأمور الثلاثة : سبب النزول ، وما يحصل لهم في الآخرة ، وتمثيل لمنعهم من الهدى . قوله : ( بأن تضم إليها الأيدي ) جعل المفسر هذا ، توطئة لإرجاع الضمير للأيدي في قوله : { فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ } كأنه قال : الأيدي ، وإن لم يتقدم لها ذكر صراحة ، فهي مذكورة ضمناً في قول الأغلال ، لأن الغل يدل عليها . قوله : ( مجموعة ) قدره إشارة إلى أن قوله : { إِلَى ٱلأَذْقَانِ } متعلق بمحذوف ، ولو قدره مرفوعة لكان أظهر ، وذلك أن اليد ترفع تحت الذقن ، ويلبس الغل في العنق ، فتضم اليد إليها تحت الذقن ، فحينئذ لا يستطيعون خفض رأس ولا التفاتاً . قوله : ( وهذا تمثيل ) أي استعارة تمثيلية للمعنى المذكور ، وفيه إشارة إلى سبب النزول ، وإلى ما يحصل لهم في الآخرة كما علمت . قوله : ( بفتح السين وضمها ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : { فَأغْشَيْنَاهُمْ } هو بالغين المعجمة في قراءة العامة ، أي عطينا أبصارهم ، وقرئ شذوذاً بالعين المهملة من العشا ، وهو عدم الإبصار ليلاً . والمعنى : أضعفنا أبصارهم عن الهدى كعين الأعشى . قوله : ( تمثيل ) أي استعارة تمثيلية ، حيث شبه حالهم في سد طرق الإيمان عليهم ومنعهم منه ، بحال من سدت عليه الطرق ، وأخذ بصره بجامع أن كلاً لا يهتدي لمقصوده .