Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 70-76)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } { إِلاَّ } أداة حصر ، وإن وما دخلت عليه في تأويل مصدر نائب فاعل يوحى ، والتقدير : ما يوحى إلي إلا كوني نذيراً مبيناً ، والحصر فيه وفي قوله : { إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ } [ ص : 65 ] اضافي ، والمعنى لا ساحر ولا كذاب كما زعمتم . قوله : { إِذْ قَالَ رَبُّكَ } ظرف معمول لمحذوف قدره المفسر بقوله : ( اذكر ) ويصح أن يكون بدلاً من قوله : { إِذْ يَخْتَصِمُونَ } [ ص : 69 ] إن حمل الاختصام على ما حصل في شأن آدم فقط ، وإما إن جعل عاماً ، فلا يصح جعله بدلاً منه ، بل ظرف لمحذوف . قوله : { إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً } أي انساناً ظاهر البشر أي الجلد ، ليس على جلده صوف ولا شعر ولا وبر ولا ريش ولا قشر . قوله : ( أجريت ) { فِيهِ مِن رُّوحِي } أشار بذلك إلى أنه ليس المراد بالنفخ حقيقته لاستحالته على الله تعالى ، وإنما هو لتمثيل لإفاضة ما به الحياة بالفعل على المادة القابلة لها . قوله : ( والروح جسم لطيف ) إلخ ، هذا هو قول جمهور المتكلمين وهو الأصح ، وقيل : إن الروح عرض ، وهي الحياة التي صار الجسم بها حياً ، وقيل : إنها ليست بجسم ولا عرض ، بل هي جوهر مجرد قائم بنفسه ، له تعلق بالبدن للتدبير والتحريك ، غير داخل فيه ولا خارج عنه ، وهو قول بعض الفلاسفة . قوله : ( بنفوذه فيه ) أي سريانه فيه ؛ كسريان الماء في العود الأخضر . قوله : { فَقَعُواْ } الفاء واقعة في جواب إذا . قوله : ( سجود تحية بالانحناء ) جواب عما يقال : كيف جاز السجود لغير الله تعالى ؟ وتقدم قول بأنه كان سجوداً حقيقة بالجباه . وتقدم الجواب عنه ، بأن محل كون السجود لغير الله تعالى ؟ وتقدم قول بأنه كان سجوداً حقيقة بالجباه . وتقدم الجواب عنه ، بأن محل كون السجود لغير الله غير جائز ، ما لم يأمر به المولى تعالى ، أو يقال : إن السجود لله تعالى ، وآدم جعل كالقبلة . قوله : { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ } إلخ ، قيل : أول من سجد لآدم جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم عزرائيل ثم الملائكة المقربون ، وكان السجود يوم الجمعة من وقت الزوال إلى العصر ، وقيل مائة سنة ، وقيل خمسمائة سنة . قوله : ( فيه تأكيدان ) أي فكل منهما يفيد ما أفاد الآخر ، وقيل : إن كل للإحاطة ، و { أَجْمَعُونَ } للاجتماع ، فأفاد أنهم سجدوا عن آخرهم ، وأنهم سجدوا جميعاً في وقت واحد غر متفرقين في أوقات . قوله : ( كان بين الملائكة ) أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع وهو الحق ، وتقدم تحقيق ذلك . قوله : ( في علم الله ) أي أن الله تعالى علم في الأزل أنه يكفر فيما لا يزال ، وكان مسلماً عابداً ، طاف بالبيت أربعة عشرة ألف عام ، وعيد الله ثمانين ألف عام . قوله : ( أي توليت خلقه ) أي بذاتي من غر واسطة أب وأم ، وتثنية اليد إظهاراً لكمال الاعتناء بخلقه عليه السلام . قوله : { أَسْتَكْبَرْتَ } ( الآن ) إلخ ، أشار المفسر إلى جواب سؤال وارد وهو أن قوله : { مِنَ ٱلْعَالِينَ } معناه المتكبرين ، فيلزم عليه التكرار ، فأجاب : بأن المعنى أتركت السجود لاستكبارك الحادث ، أم لاستكبارك القديم . قوله : { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } هذا جواب من إبليس لم يطابق الاستفهام السابق ، لأنه أجاب بأنه إنما ترك السجود ، لكونه خيراً منه ، وبين ذلك بأن أصله من النار ، وأصل آدم من الطين ، والنار أشرف من الطين ، لكون النار نورانية ، والطين من الأرض وهي ظلمانية ، والنوراني أشرف من الظلماني ، وهذه شبهته ، وقد أخطأ فيها ، لأن مآل النار إلى الرماد الذي لا ينتفع به ، وزيادة على ذلك ، أن النوع الإنساني تشرف بأمور : الأول من جهة الفاعل المشار إليه بقوله : { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } والثاني من جهة الصورة المشار إليها بقوله : { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي } ومن جهة الغاية المشار إليها بقوله : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ } [ البقرة : 34 ] ؛ ولم يحصل ذلك غير النوع الإنساني ، فدل على أفضليته . قوله : ( أي من الجنة ) إلخ ، هذا الخلاف مبني على الخلاف الواقع في أمر الملائكة بالسجود لآدم ، هل كان بعد دخوله الحنة أو قبله ؟ فقوله : ( أي من الجنة ) مبني على الأول ، وقوله : ( أو من السماوات ) مبني على الثاني ، وقيل : المعنى اخرج من الخلقة التي كنت عليها أولاً ، لما ورد : أن إبليس كان يفتخر بخلقته ، فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان أبيض ، وقبح بعد ما كان حسناً ، وأظلن بعد ما كان نورانياً ، وروي أن إبليس كان رئيساً على اثني عشر ألف ملك ، وكان له جناحان من زمرد أخضر ، فلما طرد غيرت صورته ، وجعله الله معكوساً على مثال الخنازير ، ووجهه كالقردة ، وهو شيخ أعور ، وفي لحيته سبع شعرات مثل شعر الفرس ، وعيناه مشقوقتان في طول وجهه ، وأنيابه خارجة كأنياب الخنازير ، ورأس كرأس البعير ، وصدره كسنام الجمل الكبير ، وشفتاه كشفتي الثور ، ومنخراه مفتوحتان مثل كوز الحجام .