Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 6-7)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } هذا من جملة أدلة توحيده وانفراده بالعزة والقهر ، وجميع صفات الألوهية . قوله : { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } إن قلت : إن { ثُمَّ } للترتيب ، فيقتضي أن خلق الذرية قبل خلق حواء ، هو خلاف المعروف المشاهد . وأجيب بثلاثة أجوبة ، الأول : أن { ثُمَّ } لمجرد الإخبار ، لا لترتيب الإيجاد . الثاني : أن المعطوف متعلق بمعنى واحدة ، و { ثُمَّ } عاطفة عليه ، كأنه قال : خلقكم من نفس كانت متوحدة لم يخلق نظيرها ، ثم شفعت بزوج . الثالث : أن معنى { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } أخرجكم منها يوم أخذ الميثاق في دفعة واحدة ، لأن الله تعالى خلق آدم ، وأودع في صلبه أولاده كالذر ، ثم أخرجهم وأخذ عليهم الميثاق ، ثم ردهم إلى ظهره ، ثم خلق منهم حواء . قوله : { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ } إلخ إنما عبر عنها بالنزول ، لأنها تكونت بالنبات ، وهو غذاء لهان والنبات بالماء المنزل ، فهو يسمى عندهم بالتدريج ، ومنه قوله تعالى : { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } [ الأعراف : 26 ] الآية ، وقيل : إن الإنزال حقيقة لما روي أن الله خلق الأنعام في الجنة ، ثم أنزلها في الأرض ، كما قيل في قوله تعالى : { وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } [ الحديد : 25 ] فإن آدم لما هبط إلى الأرض نزل معه الحديد . قوله : { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } الزوج ما معه آخر من جنسه ، ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر . قوله : ( كما بين في سورة الأنعام ) أي في قوله : { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } [ الأنعام : 143 ] الآيات . قوله : { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ } هذا بيان لكيفية الخلق الدالة على باهر قدرته تعالى . قوله : { خَلْقاً } مصدر ليخلقكم ، وقوله : { مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } صفى لخلقا . قوله : ( أي نطفاً ) إلخ ، فيه قصور ، وعكس ترتيب الإيجاد ، فالمناسب أن يقول : أي حيواناً سوياً ، من بعد عظام مكسوة لحماً ، من بعد عظام عارية ، من بعد مضغ ، من بعد علق ، من بعد نطف . قوله : { فِي ظُلُمَاتٍ } بدل اشتمال من بطون أمهاتكم بإعادة الجار ، ولا يضر الفصل بين البدل والمبدل منه المصدر ، لأنه من تتمة العامل فليس بأجنبي . قوله : ( وظلمة المشيمة ) أي فهي داخل الرحم ، وهو داخل البطن ، و ( المشيمة ) بوزن كريمة ، وأصلها مشيمة بسكون الشين وكسر الياء ، نقلت كسرة الياء إلى الساكن قبلها ، وهي غشاء ولد الإنسان ، ويقال لها الغلاف والكيس ، ويقال لها من غير ولد الإنسان السلا . قوله : { ذَٰلِكُمُ } مبتدأ ، و { ٱللَّهُ رَبُّكُمْ } خبر أن له وجملة { لَهُ ٱلْمُلْكُ } خبر ثالث . قوله : { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } جملة مستأنفة نتيجة ما قبله ، أي فحيث ثبت أنه ربنا وله الملك ، نتج منه لا إله إلا هو . قوله : { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } أي تمنعون . قوله : { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ } اي له الغنى المطلق ، فلا يفتقر إلى ما سواه . قوله : { وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ } أي لا يفعل فعل الراضي ، بأن يثيب فاعله ويمدحه ، بل يفعل فعل الساخط ، بأن ينهى عنه ، ويعاقب فاعله ويذمه عليه . قوله : ( وإن أراده من بعضهم ) أشار بهذا إلى أنه لا تلازم بين الرضا والإرادة ، بل قد يرضى ولا يريد ، وقد يريد ولا يرضى ، وإنما التلازم بين الأمر والرضا ، خلافاً للمعتزلة القائلين بالتلازم بين الرضا والإرادة ، وبنوا على ذلك أموراً فاسدة ، ومن هنا قال العلماء : إن الأمور أربعة : تارة يأمر ويريد وهو الإيمان من المؤمنين ، وتارة لا يأمر ولا يريد وهو الكفر منهم ، وتارة يأمر ولا يريد وهو الإيمان من الكفار ، وتارة يريد ولا يأمر وهو الكفر من الكفار . وحكي أن رجلاً من العتزلة ، تناظر مع رجل من أهل السنة ، فقال المعتزلي : سبحان من تنزه عن الفحشاء ، فقال السني : سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء ، فقال المعتزلي : أيريد ربك أن يعصى ؟ فقال السني : أيعصى ربنا قهراً ؟ فقال المعتزلي : أرأيت إن منعني الهدى ، وحكم عليَّ بالردى ، أحسن إلي أم أساء ؟ فقال : إن منعك ما هو لك فقد أساء ، وإن منعك ما هو له ، فالمالك يفعل في ملكه كيف يشاء ، فبهت المعتزلي . قوله : { يَرْضَهُ لَكُمْ } أي لأنه سبب لفوزكم بسعادة الدارين ، لا لنتفاعه به ، تعالى الله عن ذلك . قوله : ( بسكون الهاء ) إلخ ، أي فالقراءات ثلاث سبعيات . قوله : { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي لا يحمل شخص إثم كفر شخص آخرن وما ورد من أن الدال على الشر كفاعله ، فمعناه أن عليه إثم فعله وإثم دلالته ، ولا شك أن دلالته من فعله ، فآل الأمر إلى عقابه على فعله ، لا على فعل اغيره ، وقوله : { وَازِرَةٌ } أي وأما غر الوازرة فتحمل وزر غيرها ، بمعنى أن من كان ناجياً ، وأذن له في الشفاعة يشفع في غيره ، فينتفع المشفوع له بتلك الشفاعة إن كان مسلماً ، وأما الكافر فلا ينتفع بشفاعة مسلم ولا كافر . قوله : { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } علة لقوله : { فَيُنَبِّئُكُـمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي يخبركم بأعمالكم ، لأنه عليم بما في القلوب ، فضلاً عن غيرها . قوله : ( أي الكافر ) أشار بهذا إلى أن أل في الإنسان للعهد .