Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 102-103)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ } شروع في ذكر صلاة القسمة في الخوف . واعلم أن صلاة الخوف على أقسام ، فتارة يكون العدو في غير تجاه القبلة ، وفي هذا القسم تكون صلاة القسمة ، وهي على كيفيتين : الأولى : أن يقسم الجيش طائفتين ، فطائفة تقف تجاه العدو ، وطائفة تصلي مع الإمام بتمامها ، فبعد السلام تنصرف للعدو ، ويأتي الطائفة الثانية فيعبد الإمام بهم الصلاة ثانياً فصلاة الطائفة الأولى فرض خلف فرض ، والثانية فرض خلف نفل ، وهذه الكيفية انفرد بها الإمام الشافعي . الثانية : أن يصلي بكل طائفة ركعة في الثنائية وركعتين في الرباعية ، وبالطائفة الأولى ركعتين في الثلاثية والثانية ركعة ، وبها قال مالك والشافعي أيضاً ، لكن مالك يقول بها وإن كان العدو تجاه القبلة ، وتارة يكون العدو تجاه القبلة ، وهي على قسمين أيضاً : إما أن يتقدم الإمام ويقف الجيش خلفه صفوفاً ، فعند ركوع الإمام تركع طائفة مع الإمام ويصلون جميعاً معه ويركعون ويسجدون ، وبها أخذ مالك ، وتارة يلتحم القتال فيصلون كيف شاؤوا ، وحل للضرورة مشي وركض وإمساك ملطخ ، وهذه الكيفية عند مالك والشافعي ، وعند أبي حنيفة إن ضاق الوقت قدموا القتال وأخّروا الصلاة ثم يقضونها ، وتفاصيل هذه الأقسام مبينة عند أرباب المذاهب . قوله : ( وتتأخر طائفة ) أي بإزالة العدو . قوله : ( أي صلوا ) أي شرعوا في الصلاة . قوله : { طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ } أي وهي الواقعة تجاه العدو . قوله : { فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ } أي صلاة ثانية ، أو يتيمموا معك الصلاة فالأولى . قوله : { وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } إنما زاد هنا الأمر بالحذر لكونها مظنة تنبه الكفرة على تلك الطائفة ، وأما في الطائفة الأولى فلم ينتبهوا لهم . قوله : ( ببطن نخل ) سببه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى مع أصحابه جميعاً الظهر ، فتنبه المشركون وقال بعضهم لبعض إنا نظفر بهم في أوقات الصلاة ، وتحزب المشركون على ذلك ، فنزل جبريل على رسول الله بالآية ، وعلمه صلاة القسمة ففعلها في صلاة العصر ، وقد مشى المفسر على أن هذه الآية في صلاة بطن نخل ، وهو موضع من نجد إلى أرض غطفان ، بينه وبين المدينة يومان ، وقال غيره إنها في صلاة أرض عسفان ، وقال آخرون إنها في ذات الرقاع . قوله : { وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الخ ، سبب نزولها كما قال ابن عباس ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا بني محارب وبني أنمار ، فنزلوا لا يرون من العدو أحداً ، فوضع الناس السلاح ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته حتى قطع الوادي ، والسماء ترش بالمطر ، فسال الوادي فحال السيل بين رسول الله وبين أصحابه فجلس تحت شجرة ، فبصر به غورث بن الحرب المحاربي فقال : قتلني الله إن لم أقتله ، ثم انحدر من الجبل ومعه السيف ، ولم يشعر به رسول الله إلا وهو قائم على رأسه ، وقد سل سيفه من غمده وقال : يا محمد من يمنعك مني الآن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله ، ثم قال : اللهم اكفني غورث بن الحرب بما شئت ، فأهوى غورث بالسيف ليضرب رسول الله ، فأكب بوجهه من زلخة زلخها فندر السيف من يده فقام رسول الله وأخذ السيف ثم قال : يا غورث من يمنعك مني الآن ، فقال : لا أحد ، فال : أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، فقال : لا ولكن أشهد أن لا أقاتلك ولا أعين عليك عدواً فأعطاه رسول الله سيفه ، فقال غورث : أنت خير مني ، فقال رسول الله : أنا أحق بذلك منك ، فرجع غورث إلى أصحابه فقالوا له : ويلك يا غورث ما منعك منه ، فقال : والله لقد أهويت إليه بالسيف لأضربه به ، فوالله ما أدري من زلخني بين كتفي فخررت ، وذكر لهم حاله مع رسول الله . قال وسكن الوادي ، فقطع رسول الله الوادي إلى أصحابه وأخبرهم الخبر وقرأ هذه الآية ، " والزلخة الدفعة . قوله : { لَوْ تَغْفُلُونَ } أي غفلتكم . قوله : { فَيَمِيلُونَ } أي : يشتدون . قوله : { مِّن مَّطَرٍ } أي لأنه يفسد بالماء . قوله : { أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ } أي لا طاقة لكم على حمله . قوله : { فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ } أي صلاة الخوف أي تمتموها على الوجه المبين . قوله : { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } الأمر للندب لأنه في الفضائل ، وقوله : ( بالتهليل والتسبيح ) أي والتحميد والتكبير . قوله : ( في كل حال ) أي فالمراد من قوله : { قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ } الأحوال . قوله : { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } أي التي دخل وقتها حينئذ ، ومعنى إقامتها أداؤها بالشروط والأركان . قوله : ( مقدراً وقتها ) أي مفروضاً وقتاً بعد وقت . قوله : ( لما بعث ) المناسب أن يقول لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر من حضر بالخروج لطلب أبي سفيان وأصحابه ، وقوله : ( طائفة ) أي وهي جميع من حضر أحداً من المؤمنين الخالصين وكانوا ستمائة وثلاثين . قوله : ( لما رجعوا من أحد ) أي فرغوا من وقعتها ، والضمير عائد على الصحابة ، فحينئذٍ همَّ أبو سفيان وتشاور مع أصحابه في العود إلى المدينة ليستأصلوا المسلمين ، فبلغ ذلك رسول الله ، فنادى في اليوم الثاني من وقعة أحد ، ليخرج من كان معنا بالأمس ولا يخرج معنا غيرهم ، فخرجوا حتى بلغوا إلى حمراء الأسد ، وتقدم ذلك في آل عمران .