Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 20-21)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ } إلخ ، الحرث في الأصل إلقاء البذر في الأرض ، ويطلق على الزرع الحاصل منه ، ثم استعمل في ثمرات الأعمال ونتائجها ، على سبيل الاستعارة ، حيث شبهت ثمرات الأعمال بالغلال الحاصلة من البذر ، بجامع حصول العمل والتعب في كل ، فإن من أتعب نفسه أيام البذر ، واشتغل بالحرث والزرع أراحها ووجد الثمرات أيام الحصاد ، فكذلك من أتعب نفسه في الدنيا ، وعمل ابتغاء وجه ربه ، فإنه يجد ثمرات أعماله في الآخرة ، ومنها هنا حديث : " الدنيا مزرعة للآخرة " ، وهذه الآية عامة ، لبيان حالص المخلص في عمله لوجه الله ، والذي يطلب بعمله أعراض الدنيا ذكراً أو أنثى ، لأن { مَن } من صيغ العموم ، وقوله : ( بعمله ) المراد به خدمته في الدنيا ، صلاة أو صوماً أو غيرهما ، كالسعي على العيال ، وحينئذ فالمدار على النية الحسنة ، إذ بها تصير العادات عبادات . قوله : ( الحسنة ) منصوب بالمصدر الذي هو التضعيف . قوله : { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا } إلخ ، أي بعمله وخدمته ، والمعنى : من صرف نيته للدنيا ، وجعل عمله وخدمته لها ، نعطيه ما قسم له منها ، وبعد ذلك ليس له في الآخرة حظ ولا نصيب ، فالذي ينبغي للشخص أن يسعى فيما يرضي ربه ، ويقصد بعمله وجه خالقه وسيده ، يحصل له غنى الدنيا والآخرة ، ومن معنى هذه الآية حديث : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دينا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه " وحديث : " أوحى الله إلى الدنيا : يا دنيا ، من خدمني فاخدميه ، ومن خدمك فاستخدميه " قوله : ( ما قسم له ) مفعول { نُؤْتِهِ } . قوله : { وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } أي حظ من النعيم ، واعلم أن المقام فيه تفصيل ، فإن تجرد عمله للدنيا ، وقدم السعي فيها على الإيمان ، فهو مخلد في النار ، وليس له في الآخرة نعيم أصلاً ، وأما إن كان التفريط فيما عدا الإيمان ، كأن يرائي بعمله قصداً لطلب الدنيا ، فهم مسلم عاص ، له نعيم في الآخرة غير كامل . قوله : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ } قدرها المفسر ببل التي للانتقال من قصة إلى قصة ، وقدرها غيره ببل ، والهمزة التي للتوبيخ والتقريع ، وهو متصل بقوله : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً } [ الشورى : 13 ] . قوله : ( شياطينهم ) أي الذين شاركوكم في الكفر والعصيان . قوله : { شَرَعُواْ لَهُمْ } إسناد الشرع إلى الشياطين مجاز من الإسناد للسبب ، أنها سبب إضلالهم . قوله : { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي حكم بين الكفار والمؤمنين ، بأن يعذب الكفار ، ويثيب المؤمنين ، ولكن حكم الله وقضى في سابق أزله ، أن الثواب والعقاب يكونان يوم القيامة .