Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 23-26)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { ذَلِكَ } مبتدأ ، و { ٱلَّذِي يُبَشِّرُ } خبره ، والعائد محذوف قدره المفسر بقوله : ( به ) حذف الجار فاتصل الضمير ، وهذا على الصحيح من أنها اسم موصول ، وأما على رأي يونس من أنها مصدرية ، فلا تحتاج إلى عائد ، والتقدير عنده ذلك تبشير الله إلى عباده . قوله : ( من البشارة ) أي وهي الخبر السار . قوله : ( مخففاً ومثقلاً ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } أي قل يا محمد لأمتك : لا أطلب منكم أجراً في نظير تبليغ الرسالة وتبشيري اياكم ؛ ولا خصوصية له صلى الله عليه وسلم بذلك ، بل جميع الأنبياء لا يسألون الأجرة ، لأن سؤال الأجرة على الأمور الأخروية ، نقص في حق غير الأنبياء فأولى الأنبياء . قوله : { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } اختلف المفسرون في معنى هذه الآية على ثلاثة أقوال ، الأول عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان وسط النسب من قريش ، ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده ، وكان له فيهم قرابة ، فقال الله عز وجل : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي ما بيني وبينكم من القرابة ، والمعنى : إن لم تتبعوني ، فاحفظوا حق القربى ، وصلوا رحمي ، ولا تؤذوني ، يعد عليكم نفعها ، لما في الحديث : " الرحم معلقة بالعرش تقول : اللهم صل من وصلني ، واقطع من قطعني " فثمرته عائدة عليهم لا على النبي صلى الله عليه وسلم . الثاني عنه أيضاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ، لم يكن في يده سعة فقالت الأنصار : إن هذا الرجل هداكم ، وهو ابن أختكم ، وأجاركم في بلدكم ، فلجمعوا له طائفة من أموالكم ، ففعلوا ثم أتوه بها فردها عليهم ، ونزلت الآية ، وحينئذ فالخطاب للأنصار . الثالث عن الحسن : أن معناه إلا أن تجعلوا محبتكم ومودتكم محصورة في التقرب إلى الله بطاعته وخدمته لا لغرض دنيوي ، فالقربى على الأول القرابة بمعنى الرحم ، وعلى الثاني بمعنى الأقارب ، على الثالث بمعنى القرب والتقرب ، واعلم أن طلب الأجر على التبليغ لا يجوز لوجوده ، الأول : تبري الأنبياء جميعاً منه . الثاني : أن التبليغ واجب ، وطلب الأجرة على أداء الواجب لا يليق بأفراد الأمة فضلاً عن الأنبياء . الثالث : أن النبوة أمر عظيم ، والدنيا وإن عظمت حقيرة ، لا تزن جناح بعوضة ، ولا يليق طلب الخسيس في دفع الشريف ، وغير ذلك ، إن قلت : حيث كان الأمر كذلك ، فما معنى الاستثناء في الآية ؟ أجيب بجوابين ، الأول : أن هذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم ، على حد قول الشاعر : @ ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب @@ فالمعنى : لا أطلب إلا هذا ، وهو في الحقيقة ليس بأجر ، لأن المودة بين المسلمين واجبة ، خصوصاً في حق أشرافهم ، وحينئذ فيكون الاستثناء متصلاً بالنظر للظاهر . الثاني : أن الاستثناء منقطع كما قال المفسر ، وحينئذ فالكلام تم عند قوله : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } ثم قال : { إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي أذكركم قرابتي ، والمراد بقرابته قيل : فاطمة وعلي وابناهما ، وقيل : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، لما " روي عن زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إني تارك فيكم ثقلين : كتاب الله ، وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي " قيل لزيد بن أرقم : فمن أهل بيته ؟ فقال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس ، وقيل : هم الذين تحرم عليهم الزكاة ، وقيل : غير ذلك ، " فتحصل أن الخطاب على القول الأول لقريش ، وعلى الثاني للأنصار ، والعبرة بعموم اللفظ ، لأن رحم النبي ، رحم لكل مؤمن ، لقوله تعالى : { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [ الأحزاب : 6 ] فمحبة أهل البيت ، فيها السعادة والسيادة ، دنيا وأخرى ، والمرء يحشر مع من أحب ، وقوله : { فِي ٱلْقُرْبَىٰ } الظرفية مجازية . والمعنى : إلا المودة العظيمة المحصورة في القربى ، وإنما لم يعدها باللام لئلا يتوهم زيادة اللام ، فيكون الكلام خالياً من البلاغة ، فالتعبير بفي للمبالغة ، إشارة إلى أنهم جعلوا محلاً للمودة ، وهم لها أهل . قوله : ( فإن له في كل بطن ) أي قبيلة . قوله : ( من قريش ) أي وهم أولاد النضر بن كنانة أحد أجداده صلى الله عليه وسلم . قوله : { حَسَنَةً } فسرها ابن عباس بالمودة لآل محمد صلى الله عليه وسلم . قوله : ( بتضعيفها ) أي من عشرة إلى سبعين إلى سبعمائة إلى غير ذلك . قوله : { شَكُورٌ } ( للقليل ) أي يقبله ويثيب عليه . قوله : ( وقد فعل ) أي وقد ختم على قلبه صلى الله عليه وسلم بأن صيره على ما ذكر ، فدل كلامه على أن مشيئة الختم هنا مقطوع بوقوعها . قوله : { وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ } كلام مستأنف غير داخل في حيز الشرط ، لأنه تعالى يمحو الباطل مطلقاً . قوله : { بِكَلِمَاتِهِ } أي القرآن . قوله : ( بما في القلوب ) أشار بذلك إلى أنه أطلق المحل وأراد الحال . قوله : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } التوبة الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحول المحموجة ، ولها شروط ثلاثة : الإقلاع عن المعصية ، والندم على فعلها ، والعزم على ألا يعود إليها أبداً فإن كانت المعصية بحق آدمي ، فيزاد على هذه الثلاثة رابع ، وهو استسماح صاحب الحق ، ويكفي عند مالك براءة المجهول ، فلا يشترط عنده أن يعين له ذلك الحق ، فإذا تاب بالشروط ، وقدر الله عليه الوقوع في الذنب مرة أخرى ، فإنه يتوب ، ولا يقنط من رحمة الله تعالى ، ولا ترجع عليه ذنوبه التي تاب منها . قوله : ( منهم ) أشار بذلك إلى أن { عَنْ } بمعنى من ، والقبول بمعنى الأخذ . قوله : ( المتاب منها ) أي ويصح أن المراد ولو لم يتب ، فمن صفاته تعالى أنه يقبل توبة التائب ، ويعفو عن سيئات من لم يتب ، إذا لا يسأل عما يفعل . قوله : ( بالياء والتاء ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( يجيبهم إلى ما يسألون ) أشار بذلك إلى أن السين والتاء زائدتان ، والموصول مفعول به ، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى .