Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 29-30)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ } أي دلائل قدرته وعجائب وحدانيته . قوله : { خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي فإنهما بذاتهما وصفاتهما ، يدلان على اتصاف خالقهما بالكمالات ، قال تعالى : { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا } الآية : قوله : { وَ } ( خلق ) { مَا بَثَّ } أشار بذلك إلى أن قوله : { وَمَا بَثَّ } معطوف على { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } مسلط عليه { خَلْقُ } ويصح أن يكون في محل رفع عطف على { خَلْقُ } . قوله : ( هي ما يدب على الأرض ) أشار بذلك إلى أن المراد في أحدهما ، فهو من إطلاق المثنى على المفرد ، كما في قوله تعالى : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا ٱلُّلؤْلُؤُ وَٱلمَرْجَانُ } وإنما يخرجان من أحدهما وهو الملح ، وهذا أسلم وأحسن مما قيل : إن الآية باقية على ظاهرها ، ولا مانع من أن الله تعالى خلق حيوانات في السماوات ، يمشون فيها كمشي الأناسي على الأرض ، لأن ذلك بعيد من الافهام ، لكونه على خلاف العرف العام . قوله : { إِذَا يَشَآءُ } متعلق بجمعهم ، و { قَدِيرٌ } خبر الضمير ، { عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } متعلق بقدير ، والمعنى : وهو قدير على جمعهم في أي وقت شاء ، وهو معنى قوله تعالى : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] فمتى أراد الله شيئاً أبرزه بقدرته . قوله : ( في الضمير ) أي وهو قوله : { عَلَىٰ جَمْعِهِمْ } ولو لم يرد التغليب لقال على جمعها . قوله : ( خطاب المؤمنين ) أي وأما مصائب الكفار في الدنيا ، فتعجيل لبعض العقاب لهم . قوله : { مِّن مُّصِيبَةٍ } بيان لما ، وقوله : { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } جواب الشرط إن جعلت ما شرطية ، أو خبر المبتدأ إن جعلت موصولة ، وقرنت بالفاء لما في المبتدأ على معنى الشرط ، وهذا على ثبوت الفاء ، وأما على حد قراءة حذفها ، فالأولى جعلها خبراً وما موصولة ، وجعلها شرطية يلزم عليه حذف الفاء في جوابه وهو شاذ والقراءتان سبعيتان . قوله : { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } من تتمة قوله : { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } والمعنى : أن الذنوب قسمان ، قسم تعجيل العقوبة عليه في الدنيا بالمصائب ، وقسم يعفو عنه فلا يعاقب عليه بها ، وما يعفو عنه أكثر ، قال عيل بن أبي طالب : هذه الآية أرجى آية في كتاب الله عز وجل ، وإذا كان يكفر عني بالمصائب ويعفو عن كثير ؛ فأي شيء يبقى بعد كفارته وعفوه ؟ وقد روي هذا المعنى مرفوعاً عنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال علي بن أبي طالب : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها النبي صلى الله عليه وسلم : { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } الآية ؟ " يا علي ، ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا ، فيما كسبت أيديكم ، والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة ، وما عفا عنه في الدنيا ، فالله أحلم من أن يعاقب به بعد عفوه " وقال الحسن : لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من اختلاف عرق ، ولا خدش عود ، ولا نكتة حجر ، إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر " وقال الحسن : دخلنا على عمران بن حصين ، فقال رجل : لا بد أن أسألك عما أرى بك من الوجع ، فقال عمران : يا أخي لا تفعل ، فوالله إتي لأحب الوجع ، ومن أحبه كان أحب الناس إلى الله ، قال تعالى : { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } فهذا مما كسبت يدي ، وعفو ربي عما بقي أكثر . وقال عكرمة : ما من نكبة أصابت عبداً فما فوقها ، إلا بذنب لم يكن الله ليغفره إلا بها ، أو لنيل درجة لم يكن ليوصله إليها إلا بها . وروي أن رجلاً قال لموسى : يا موسى سل الله لي في حاجة يقضيها لي هو أعلم بها ، ففعل موسى ، فلما ترك إذا هو بالرجل قد مزق السبع لحمه وقتله ، فقال موسى : يا رب ما بال هذا ؟ فقال الله تعالى : يا موسى إنه سألني درجة علمت أنه لا يبلغها بعمله ، فأصبته بما ترى ، لأجعله وسيلة له في نيل تلك الدرحة . قوله : ( وهو تعالى أكرم ) إلخ ، متعلق بقوله : { فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } فكان المناسب تقديمه بلصقه . قوله : ( من أن يثني الجزاء في الآخرة ) أي من أن يعيد الجزاء بالعقوبة في الآخرة ، لأن الكريم لا يعاقب مرتين . قوله : ( وأما غير المذنبين ) أي كالأنبياء والأطفال والمجانين . قوله : ( لرفع درجاتهم ) وقيل في الأطفال : إن مصائبهم لتكفير سيئات أبويهم ، وفي الحقيقة رفع درجات لهم ، وتكفير لآبائهم . قوله : ( يا مشركين ) كذا في النسخ التي بأيدينا ، والصواب يا مشركون ، لأن المنادى يبنى على ما يرفع ، وهو يرفع بالوو .