Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 29-36)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } اختلف في البكاء ، فقيل حقيقة وعليه فقيل هو واقع من ذات السماوات والأرض ، ويؤيد ما ورد : ما من مؤمن ألا وله في السماء بابان : باب ينزل منه رزقه ، وباب يدخل منه كلامه وعمله ، فإذا مات فقدان فيبكيان عليه ، وتلا { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } ويؤيده أيضاً قول مجاهد : إن السماء والأرض ليبكيان على المؤمن أربعين صباحاً ، قال أبو يحيى : فعجبت من قوله : فقال : أتعجب ! وما للأرض لا تبكي على عبد يعمرها بالركوع والسجود ، وما للسماء لا تبكي على عبده كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدويّ النحل ؟ وقيل : الكلام على حذف مضاف أي أهل السماوات والأرض ، وقيل : إن بكاهما حمرة أطرافهما ، ويؤيده قول السدي لما قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما : بكت عليه السماء ، وبكاها حمرتها ، وقول محمد بن سيرين : أخبرونا أن الحمرة التي تكون مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه ، وقال سليمان القاضي : مطرنا دماً يوم قتل الحسين ، وقيل : إن البكاء كناية عن عدم الاكتراث وعدم المبالاة بهم . قوله : { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } هذا من جملة تعداد النعم على بني إسرائيل ، والمقصود من ذلك تسليته صلى الله عليه وسلم وتبشيره بأنه سينجيه وقومه المؤمنين من أيدي المشركين ، فإنهم لم يبلغوا ي التجبر مثل فرعون وقومه . قوله : ( وقيل حال من العذاب ) أي متعلق بمحذوف ، والمعنى واقعاً من جهة فرعون . قوله : { مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } خبر ثان لكان ، والمعنى من المتجاوزين الحد . قوله : { عَلَىٰ عِلْمٍ } { عَلَىٰ } بمعنى مع ، وقوله : { عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } { عَلَى } على بابه للاستعلاء ، فاختلف معناهما ، وحينئذ فجاز تعلقهما بعامل واحد وهو اخترنا . قوله : ( بحالهم ) أي بكونهم أهلاً للاصطفاء ، لكون أكثر الأنبياء منهم . قوله : ( أي عالمي زمانهم ) دفع بذلك ما يقال : إن ظاهر الآية ، يدل على كون بني إسرائيل ، أفضل من كل العالمين ، مع أن محمد أفضل منهم ، فدفع ذلك بأن المراد بالعالمين عالمو زمانهم ، فلا ينافي في أمة محمد أفضل منهم . قوله : ( العقلاء ) المناسب أن يقول الثقلين ، فإن من جملة العقلاء الملائكة ، وبنو إسرائيل ليسوا أفضل منهم . قوله : { مِّنَ ٱلآيَاتِ } بيان مقدم على المبين . قوله : ( نعمة ظاهرة ) هذا تفسير للبلاء ، فإن البلاء معناه الاختبار ، وهو يكون بالمحن وبالنعم ، هل يصبر أو لا ؟ وهل يشكر أو لا ؟ قوله : ( أي كفار مكة ) إنما أشار إليهم بإشارة القريب ، تحقيراً لهم وازدراء بهم . قوله : { لَيَقُولُونَ } أي جواباً لما قيل لهم : إنكم تموتون موته تعقبها حياة ، دل عليه قوله تعالى : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَٰتاً فَأَحْيَٰكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [ البقرة : 28 ] كأنهم قالوا : مسلم أن لنا موتة تعقبها حياة ، لكن المراد بها الأولى ، وهي حالة النطفة ، لا الثانية التي ينقضي بها العمر ، فإنها لا تعقبها حياة . قوله : { وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } هذه الآية نظير قوله تعالى : { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } [ الأنعام : 29 ] . قوله : { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا } أي أحيوهم لنا ليخبرونا بصدقكم .