Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 19-21)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } مرتب على ما قبله ، كأنه قال : إذا علمت أنه لا ينفع التذكر إذا حضرت الساعة ، فدم على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية ، فإنه النافع يوم القيامة ، وعبر بالعلم إشارة إلى أن غيره لا يكفي في التوحيد ، كالظن والشك والوهم ؛ واعلم أن العلم مراتب : الأولى : العلم بالدليل ولو جملياً ، ويسمى علم يقين ، وهذا هو المطلوب في التوحيد الذي يخرج به المكلف من ورطة التقليد ، وهو الجزم من غير دليل وفيه خلاف . الثانية : العلم مع مراقبة الله ، ويسمى عين يقين . الثالثة : العلم مع المشاهدة ، ويسمى حق يقين ؛ وفي هذه المراتب فليتنافس المتنافسون . قوله : ( أي دم يا محمد ) الخ ، أي فالخطاب له صلى الله عليه وسلم ، بل ولكل مؤمن ، وقوله : ( على علمك بذلك ) أي بأن لا إله إلا الله ، أي لا معبود بحق إلا الله . قوله : ( النافع في القيامة ) أي لما ورد : " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة " قوله : ( لتستن به أمته ) أي تقتدي به ، وهذا أحد أوجه في تأويل الآية وهو أحسنها ، وقيل معناه : اسأل الله العصمة من الذنوب ، ومن المعلوم أن دعاءه مستجاب ، ففي استغفاره تحدث بنعمة الله عليه ، وهي عصمته من الذنوب ، وتعليم الأمة أن يقتدوا به ، وقيل : المراد بذنبه خلاف الأولى ، مثل ما وقع منه في أسارى بدر ، وفي إذنه للمنافقين بالتخلف عن الجهاد ، فهو ذنب بحسب مقامه ورتبته ، وقيل المراد بذنبه ذنب أهل بيته ففي هذه الآية بشرى للأمة حيث أمر صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لذنوبهم وهو الشفيع المجاب فيهم . قوله : ( وقد فعله ) أي الاستغفار لذنبه وللمؤمنين والمؤمنات ، ورد في الحديث : " إنه ليغان على قلبي ، حتى استغفر الله في اليوم مائة مرة " . " إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة " وفي رواية أكثر من ذلك ، قوله في الحديث : " إنه ليغان على قلبي " الغين التغطية والستر ، ويسمى به الغيم الرقيق الذي يغشى السماء ، والمراد به أنوار تغشى قلبه صلى الله عليه وسلم ، وسبب استغفاره منها ، أنه صلى الله عليه وسلم دائما يترقى في الكمالات ، فكلما ارتقى إلى مقام ، رأى أن الذي فيه بالنسبة للذي ارتقى إليه ذنباً ، فيستغفر الله منه . قوله : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } أشار المفسر إلى أن معنى { مُتَقَلَّبَكُمْ } متصرفكم لاشتغالكم بالنهار ، ومعنى { مَثْوَاكُمْ } مأواكم إلى مضاجعكم بالليل ، وهو أحد تفاسير في هذه الآية ، وقيل : { مُتَقَلَّبَكُمْ } من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات وبكونهنن و { مَثْوَاكُمْ } في الدنيا وفي القبور ، وقيل : { مُتَقَلَّبَكُمْ } في الدنيا ، { وَمَثْوَاكُمْ } مصيركم في الآخرة إلى الجنة والنار . قوله : ( والخطاب للمؤمنين وغيرهم ) أي ولكن خطاب المؤمنين ، ارشاد لهم إلى مقام المراقبة لله تعالى ، وهي أن يشاهد الإنسان ، أن الله مطلع عليه في كل لمحة وطرفة وحركة وسكون ، وهذا سر ، وهو معكم أينما كنتم ، وهو مطلب العارفين ، وكنز الراسخين ، قال العارف ابن الفارض : @ أنلنا مع الأحباب رؤيتك التي إليها قلوب الأولياء تسارع @@ وقال العارف الدسوقي : @ قد كان في القلب أهواء مفرقة فاستجمعت مذ رأتك العين أهوائي تركت للناس دنياهم ودينهم شغلاً بحبك يا ديني ودنيائي @@ وفيه فليتنافس المتنافسون ، وخطاب غيرهم تخويف وتحذير . قوله : { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الخ ، أي حين اشتد كرب المسلمين من أذى المشركين ، تمنوا الأمر بالجهاد ، ووافقهم في الظاهر على هذا التمني المنافقون ، فهذه الآيات من هنا إلى آخر السورة مدنيات قطعاً ، ولو على القول بأن السورة مكية ، لأن القتال لم يشرع إلا بها ، وكذا النفاق لم يظهر إلا بها . قوله : ( أي طلبه ) أي ذكر فيها الأمر به والحث عليه . قوله : ( أي شك ) وقيل ضعف في الدين . قوله : { نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ } أي نظراً مثل نظر المغشي عليه ، والمعنى : تشخص أبصارهم كالشخص الذي حضره الموت . قوله : ( خوفاً منه ) أي الموت . قوله : { فَأَوْلَىٰ لَهُمْ } أي الحق والواجب لهم ، أي عليهم الطاعة الخ ، هذا ما مشى عليه المفسر ، وهو أوضح ما قيل في هذا المقام . قوله : ( أي حسن ) تفسير لمعروف ، وقوله : ( لك ) متعلق لكل من { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } والمعنى : الواجب عليهم أن يطيعوك ويخاطبوك بالقول الحسن . قوله : ( وجملة لو ) أي مع جوابها . قوله : ( بكسر السين وفتحها ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( وفيه التفات ) أي لتأكيد التوبيخ . قوله : ( أي لعلكم ) الخ ، تفسير لعسى ، ولم يذكر تفسير الاستفهام وهو التقرير ، والمعنى : قروا بأنه يتوقع منكم إن توليتم الخ ، والتوقع في الآية جار على لسان من يشاهد حصرهم على الدنيا وتفريطهم في الدين ، لا الله لأنه هو الخالق لهم ، العالم بأحوالهم . قوله : ( أعضرتم عن الإيمان ) تفسير للتولي ، وقيل : معناه تأمرتم وتوليتم أمر الأمة .