Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 4-5)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي وهم أهل الحديبية ، حين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مناجزة الحرب مع أهل مكة ، بعد أن حصل لهم ما شأنه أن يزعج النفوس ويزيغ القلوب ، من صد الكفار ، ورجوع الصحابة دون بلوغ مقصود ، فلم يرجع أحد منهم عن الإيمان ، بعد أن هاج الناس وزلزلوا ، حتى عمر بن الخطاب لما روي أنه قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : ألست نبي لله حقاً ؟ قال : بلى قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قلت : فلم نعط الدنية في ديننا إذاً ؟ قال : إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري ، قلت : أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : بلى أنا أخبرتك أنا نأتيه العام ؟ قلت : لا ، قال : فإنك آتيه ومطوف به ، قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت : يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً ؟ قال : بلى ، فقلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، فقلت : فلم نعط الدنية في ديننا ؟ إذاً ؟ قال : أيها الرجل ، إنه رسول الله ، وليس يعصي ربه ، وهو ناصره ، فاستمسك بأمره ولا تخالفه ، فوالله إنه على الحق ، قلت : أو ليس كان يحدثنا أنا سنأتي البين فنطوف به ؟ قال : بلى ، افأخبرك أن نأتيه العام ؟ قلت : لا ، قال : فإنك آتيه فتطوف به " قال العلماء : لم يكن سؤال عمر شكاً ، بل طلباً لكشف ما خفي عنه ، وحثاً على إذلال الكفار ، وظهور الإسلام ، كما هو معروف من شدته وصلابته في الدين ، وأما جواب أبي بكر المطابق لجواب النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو من الدلائل الظاهرة على عظيم فصله ، وبارع علمه ، وزيادة عرفانه ورسوخه ، رضي الله عنهما وعنا بهما . قوله : ( بشرائع الدين ) متعلق بـ { إِيمَٰناً } . وقوله : { مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ } متعلق بمحذوف ، أي بالله ورسوله . قوله : { وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } اختلف في المراد بجنود السماوات والأرض ، فقيل : هم ملائكة السماوات والأرض ، وقيل : إن جنود السماوات الملائكة ، وجنود الأرض الحيوانات ، وقيل : إن جنود السماوات مثل الصواعق والصيحة والحجارة ، وجنود الأرض مثل الزلازل والخسفْ والغرق ، ونحو ذلك ، وكل صحيح . قوله : ( لفعل ) أي لكنه لم يفعل ، بل أنزل السكينة على المؤمنين ، ليكون إهلاك الأعداء بأيديهم ، ليحصل لهم الشرف والعز دنيا وأخرى . قوله : ( متعلق بمحذوف ) أي لا بفتحنا ، أي لئلا يلزم عليه عمل الفعل في حرفي جر متحدي اللفظ ، والمعنى : من غير عطف ولا بدل ولا توكيد . قوله : { وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } أي يمحوها ، وهو معطوف على قوله : { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } الخ ، عطف سبب على مسبب ، فدخول الجنة مسبب على تكفير السيئات ، وقدم الإدخال في الذكر على التكفير ، مسارعة إلى بيان ما هو المطلب الأعلى . قوله : { وَكَانَ ذَلِكَ } أي المذكور من الإدخال والتكفير . قوله : { عِندَ ٱللَّهِ } حال من { فَوْزاً } لأنه صفة له في الأصل ، فلما قدم عليه صار حالاً ، أي كائناً عند الله ، أي في علمه وقضائه .