Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 105-105)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } قيل إنه مرتبط بما قبله فيكون قوله لا يضركم من ضل يعني من أهل الكتاب ، والمعنى أن الله كلفنا بقتال الكفار حتى يسلموا أو يؤيدوا الجزية ، فإذا أدوها كففنا أنفسنا عنهم ولا يضرنا كفرهم ، وقيل مستأنفة نزلت في العصاة ، فالمعنى عليك بحفظ نفسك ولا تتعرض لغيرك ، فلا يضرك ضلال من ضل . إن قلت : إن هذا يوهم أن المدار على هدى الإنسان في نفسه ، ولا يلزمه الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر ، وهو خلاف النصوص الشرعية من الآيات والأحاديث النبوية . وأجيب : يحمل ذلك على من عجز عن ذلك ، وإلى هذين القولين أشار المفسر فيما يأتي بقوله قيل المراد الخ ، وفي الحقيقة المراد ما هو أعم ، فإذا امتثل العبد ما أمره الله به وترك ما نهاه عنه فلا يضره مخالفة من خالف . قوله : { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } بنصب أنفسكم على الإغراء ، لأن عليكم اسم فعل بمعنى الزموا ، والفاعل مستتر وجوباً تقديره أنتم ، والمعنى الزموا حفظ أنفسكم وهدايتها ووقايتها من النار ، والكاف في عليكم ونظيره من أسماء الأفعال كإليك ولديك ، قيل في محل جر بعلى بحسب الأصل ، وقيل في محل نصب ولا وجه له ، وقيل في محل رفع توكيد للضمير المستتر ، وذهب ابن بأبشاذ إلى أنها حرف خطاب ، وقرئ شذوذاً برفع أنفسكم ، وخرجت على أحد وجهين : الأول كونها مبتدأ وعليكم خبر مقدم ، والمعنى على الإغراء على كل حال ، فإن الإغراء جاء بالجملة الابتدائية ، ومنه قراءة بعضهم { } . والرفع الثاني أنه توكيد للضمير المستتر في عليكم وإن كان خلال القياس ، لأن القياس لا يؤكد بالنفس الضمير المتصل إلا بعد الضمير المنفصل لقول ابن مالك : @ وَإنْ تُؤكّد الضَّمِيرَ المُتَّصِل بِالنَّفْسِ وَالعَيْنِ فَبعْد المُنْفَصِل @@ قوله : ( وقيل المراد غيرهم ) أي غير أهل الكتاب من العصاة ، ليس فيها دليل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إذ قد ورد أن الصديق قال يوماً على المنبر : يا أيها الناس ، إنكم تقرؤون هذه الآية ، وتضعونها في غير موضعها ، ولا تدرون ما هي ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه عمهم الله بعقاب ، فأمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر ، ولا تغتروا بقول الله عز وجل : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } فيقول أحدكم علي نفسي ، والله لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليستعملن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ، ثم ليدعون خياركم فلا يستجاب لهم " وقال الصديق أيضاً أن هذه الآية تعدونها رخصة ، والله ما أنزل آية أشد منها . قوله : ( سألت عنها ) أي عن هذه الآية ، وقوله : ( فقال ) أي في بيان معناها . قوله : ( شحاً مطاعاً ) الشح نهاية البخل ، وقوله مطاعاً أي يطيعه صاحبه . قوله : ( وهوى ) بالقصر ما تميل إليه النفس من القبائح . قوله : ( متبعاً ) أي يتبعه صاحبه . قوله : ( ودنيا مؤثرة ) بهمزة ودونها ، أي يقدمها صاحبها على الآخرة . قوله : ( وإعجاب كل ذي رأي برأيه ) أي فلا يعجبه رأي غيره ، ولا يقبل نصيحته ، زاد الخائن في تلك الرواية بعد قوله فعليك لنفسك : ردع العوام فإن من ورائكم أيام الصبر ، فمن صبر فيهن قبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم 1 هـ . قوله : { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } فيه وعد لمن أطاع ووعيد لمن اغتر وعصى .