Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 112-115)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذْ قَالَ } ظرف لمحذوف قدره المفسر بقوله اذكر ، وهو كلام مستأنف لا ارتباط له بما قبله ، لأن المقصود مما تقدم تعداد النعم على عيسى ، والمقصود مما هنا إعلام هذه الأمة بما وقع لأمة عيسى من التعنّي في السؤال وما ترتّب عليه ، وإن كان فيها نعمة لعيسى أيضاً ، لكنها غير مقصودة بالذكر . قوله : { ٱلْحَوَارِيُّونَ } هم أول من آمن بعيسى . قوله : ( أي يفعل ) أي فأطلق اللازم وهو الاستطاعة ، وأراد الملزوم وهو الفعل ، ودفع بذلك ما يقال إن الحواريين مؤمنون ، فكيف يشكون في قدرة الله تعالى . وشذ من قال بكفرهم كالزمخشري . قوله : ( وفي قراءة ) وهي سبعية أيضاً . قوله : ( ونصف ما بعده ) أي على التعظيم ، قوله : ( أي تقدر أن تسأله ) أي فالكلام على حذف مضاف في هذه القراءة الثانية ، والتقدير هل تستطيع سؤال ربك ، وإنما قالوا ذلك خوفاً من أن تكون هذه المسألة كسؤال موسى الرؤية فلم تحصل ، وكسؤال قومه الرؤية أيضاً فأخذتهم الصاعقة ، وهذه القراءة للكسائي وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ بها وتقول جل الحواريون عن كونهم يشكون في قدرة الله تعالى . قوله : { مَآئِدَةً } هي ما يبسط على الأرض من المناديل ونحوها ، وأما الخوان فهو ما يوضع على الأرض وله قوائم ، وأما السفرة فهي ما كانت من جلد مستدير ، فالخوان فعل الملوك ، والمناديل فعل العجم ، والسفرة فعل العرب ، والمقصود هنا الطعام الذي يؤكل كل على خوان أو غيره ، والمائدة إما من الميد وهو التحرك كأنها تميد بما عليها من الطعام ، وعليه فهي اسم فاعل على أصلها ، أو من مادة بمعنى أعطاه فهي فاعلة بمعنى مفعولة أي معطاة . قوله : { ٱتَّقُواْ } أي تأدبوا في السؤال ، ولا تخترعوا أموراً خارجة عن المادة ، فإن الأدب في السؤال أن تسأل أمراً معتاداً ، ومن هنا حرم العلماء الدعاء بما تحيله العادة . قوله : ( في اقتراح الآيات ) أي اختراعها . قوله { إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ } جواب الشرط محذوف دل عليه قوله : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } . قوله : { أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا } قيل اقتياتاً وقيل تبركاً وهو المتبادر . قوله : ( بزيادة اليقين ) أي لأن الانتقال من علم اليقين إلى عين اليقين أقوى في الإيمان . قوله : ( أي أنك ) { قَدْ صَدَقْتَنَا } قدر المفسر اسم أن غير ضمير شأن وهو شاذ ، فالمناسب أن يقول أن أن إذا خففت كان اسمها ضمير شأن . قوله : { قَدْ صَدَقْتَنَا } متعلق بالشاهدين والمعنى ونكون من الشاهدين عليها عند من لم يحضرها ليزداد من آمن بشهادتنا يقيناً وطمأنينة . قوله : { عَلَيْهَا } أي حين أبدوا هذه الأمور ، فقام واغتسل وليس المسح وصلى ركعتين فطأطأ رأسه وغض بصره وقال اللهم ربنا الخ ، وهذه الآداب لا تخص عيسى ، بل ينبغي لكل داع فعلها ، لأن إظهار الذل والفاقة في الدعاء من أسباب الإجابة . قوله : ( أي يوم نزولها ) أي وقد نزلت يوم الأحد فاتخذه النصارى عيداً . قوله : { عِيداً } هو مشتق من العود وهو الرجوع لأنه يعود ، وجمعه أعياد ، وتصغيره عبيد ، وكان قياسه أعواداً وعويداً ، وإنما فعلوه ذلك فرقاً بينه وبين عود الخشب . قوله : ( بدل من لنا ) أي بدل كم كل . قوله : { وَٱرْزُقْنَا } أي انفعنا بها ، وهو مغاير لما قبله لأنه لا يلزم من الإنزال انتفاعهم بها . قوله : { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } تتميم لما قبله على وجه الاستدلال ، كأنه قال وارزقنا لأنك خير الرازقين ، واسم التفضيل على بابه من حيث إن أسباب الرزق كثيرة والله خير من يأتي بالرزق لأنه الخالق والموجد له ، وأما غيره فهو رازق باعتبار أنه سبب في الرزق وجار على يديه . قوله : { قَالَ ٱللَّهُ } أي على لسان ملك أو إلهاماً له . قوله : ( بالتخفيف والتشديد ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : { بَعْدُ } مبني على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه . قوله : ( بعد نزولها ) إشارة إلى تقدير المضاف إليه . قوله : { لاَّ أُعَذِّبُهُ } الضمير عائد على العذاب ، والمعنى لا يكون ذلك العذاب لأحد من العالمين من حيث شدته وقبحه ، والجملة صفة لعذاباً . قوله : { مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } أي عالمي زمانهم أو مطلقاً ، والشدة في الدنيا والآخرة ، لما قيل إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المنافقون ، ومن كفر من أصحاب المائدة ، وآل فرعون . قوله : ( فنزلت الملائكة ) روي أنها نزلت سفرة حمراء مدورة وعليها منديل بين غمامتين : غمامة من فوقها ، وغمامة من تحتها ، وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم ، فبكى عيسى وقال : اللهم اجعلني من الشاكرين ، ثم قام وتوضأ وصلى وبكى ثم كشف المنديل وقال : بسم الله خير الرازقين كلوا مما سألتم ، فقالوا يا روح الله كن أنت أول من يأمل منها ، فقال معاذ الله أن آكل منها يأكل منها ما سألها ، فخافوا أن يأكلوا منها ، فدعا له أهل الفاقة والمرض والبرص والجذام والمقعدين فقال : كلوا من رزق الله ، لكم الهناء ولغيركم البلاء ، فأكلوا منها وهم ألف وثلثمائة رجل وامرأة ، وفي رواية سبعة آلاف وثلثمائة ، فلما أتموا الأكل طارت المائدة وهم ينظرون حتى توارت عنهم ، ولم يأكل منها مريض أو زمن أو مبتلي إلا عوفي ، ولا فقيراً إلا استغنى ، وندم من لم يأكل منها ، فمكثت تنزل أربعين صباحاً متوالية ، وقيل يوماً بعد يوم . قوله : ( عليها سبعة أرغفة الخ ) هذه أشهر الروايات ، وفي رواية خمسة أرغفة ، على واحد زيتون ، وعلى الثاني عسل ، وعلى الثالث سمن ، وعلى الرابع جبن ، وعلى الخامس قديد وسمكة مشوية بلا فلوس ولا شوك ، تسيل دسماً ، وعند رأسها ملح ، وعند ذنبها خل ، وحولها من أصناف البقول ما خلا الكراث ، فقال شمعون رأس الحواريين : يا روح الله أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة ؟ قال ليس منهما ، ولكن شيء اخترعه الله بالقدرة العالية ، وفي رواية نزلت سمكة من السماء فيها طعم كل شيء . قوله : ( خبزاً ولحماً ) جمع بأن اللحم لحم سمك . قوله : ( فخانوا وادخروا الخ ) أي فسبب مسخهم خيانتهم وادخارهم أي مع كفرهم ، وفي رواية أن سبب مسخهم أنه بعد تمام الأربعين يوماً من نزولها ، أوحى الله إلى عيسى أن اجعل مائدتي هذه للفقراء دون الأغنياء ، فتمارى الأغنياء في ذلك وعادوا للفقراء . قوله : ( فمسخوا ) أي فمسخ الله منهم ثلثمائة وثلاثين رجلاً باتوا ليلتهم مع نسائهم ثم أصبحوا خنازير ، فلما أبصرت الخنازير عيسى بكت وجعل يدعوهم بأسمائهم فيشيرون برؤوسهم ولا يقدرون الكلام ، فعاشوا ثلاثة أيام وقيل سبعة وقيل أربعة ثم هلكوا .