Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 116-116)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِذْ قَالَ ٱللَّهُ } معطوف على قوله : { إِذْ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ } [ المائدة : 112 ] عطف قصة على قصة ، وفي الحقيقة هو من أفراد سؤال الرسل فهو داخل تحت قوله { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ } [ المائدة : 109 ] الخ ، وإنما خصه بالذكر تقبيحاً وتشنيعاً عليهم لبشاعة عقيدتهم في نبيهم . قوله : ( في القيامة ) مشى المفسر والجمهور على أن ذلك القول إنما يقع يوم القيامة ، وعليه فإذا بمعنى إذا ، وقال بمعنى يقول ، وإنما عبر بالماضي لاستواء الأزمان في علمه حالها وماضيها ومستقبلها ، لأنه أحاط بكل شيء علماً ، فلذا أتى بالماضي الذي يدل على تحقق الحصول ، وقيل إن السؤال وقع في الدنيا بعد رفعه إلى السماء ، وعليه فإذ ، وقال على بابهما . قوله : ( توبيخاً لقومه ) جواب عما يقال إن الله تعالى عالم بكل شيء ، فلم كان هذا السؤال ؟ فأجاب بأن المقصود منه توبيخ من كفر ، وهذا يؤيد ما قاله الجمهور ، ويضعف الاحتمال الثاني . قوله : { مِن دُونِ ٱللَّهِ } متعلق بمحذوف صفة لإلهين ، أي إلهين كائنين من غير الله ، فالله ثالثهما ، وليس المعنى أن عيسى وأمه إلهان فقط ، والله ليس بإله ، فإنهم لم يقولوا ذلك . قوله : ( قد أرعد ) أي أخذته الرعدة حتى خرج من كل شعرة عين دم كما في رواية . قوله : ( من الشريك وغيره ) أي كالصاحبة والولد . قوله : { مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } ما نافية ، ويكون فعل مضارع ، ولي جار ومجرور خبرها مقدم ، وأن أقول في محل رفع اسمها مؤخر ، وما اسم موصول وليس فعل ماض ناقص ، واسمها مستتر هو عائد الموصول تقديره هو ، وبحق خبرها ، ولي للتبيين على حد سقيا لك ورعياً ، والمعنى لا ينبغي ولا يجوز علي لأنك عصمتني أن أقول ما ليس حقاً منسوباً لي ، وهذا أحسن الأعاريب . قوله : { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } إن قلت : إن مدخول إن لا بد من كونه مستقبلاً ، والقول والعلم متعلقهما ماض . أجيب : بأن الكلام على التقدير والمعنى أن يثبت أني قلته فقد تبين وظهر أن علمك متعلق به ، لأنه يستحيل وقوع شيء لم يتعلق علم الله به ، فحيث لم يتعلق علمه بما قال فلم يحصل ذلك منه ، لأنه لا يقع شيء في ملكه إلا وهو عالم به . قوله : { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي } ليست علم هنا عرفانية ، لأن المعرفة تستدعي سبق الجهل فهي هنا على بابها ، ومفعولها الثاني محذوف تقديره منطوياً وثابتاً ، والنفس بمعنى الذات ، والمعنى تعلم حقيقة ذاتي وما انطوت عليه . قوله : { وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } أي لا أعلم حقيقة ذاتك وما احتوت عليه من الصفات ، لأن من جهل ما قام بالذات فقد جهل الذات ، فلا يعلم الله إلا الله ، واعلم أنهم اختلفوا في إطلاق النفس على الله تعالى ، فقيل لا يجوز إطلاقها في غير المشاكلة ، قال تعالى : { كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ } [ الأنعام : 54 ] { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } [ آل عمران : 28 ] قوله : ( أي ما تخفيه من معلوماتك ) أذ كذاتك وصفاتك ، فإن معلومات الله منها ما هو ظاهر لنا كالحوادث ، منها ما هو خفي عنا ، ولا يحيط بجميع ذلك إلا الله تعالى . قوله : { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } دليل لمدليل ، لأن قوله : { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } دعوى من عيسى ثم استدل عليها بقوله : { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } ودليل هذا أنه غلام الغيوب ، وأكد هذه الجملة بأن والضمير المنفصل وصيغة المبالغة والجمع من أل الاستغراقية .