Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 35-37)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } لما ذكر سبحانه وتعالى أن التوبة من الذنوب نافعة ، وكانت التوبة من جملة التقوى حث على طلبها هنا . قوله : { إِلَيهِ } متعلق بابتغوا . قوله : ( ما يقربكم إليه ) أي يوصلكم إليه ، وقوله : ( من طاعته ) بيان لما ، سواء كانت تلك الطاعة فرضاً أو نقلاً لما في الحديث : " وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به " الحديث . فالتقوى هنا ترك المخالفات ، وابتغاء الوسيلة فعل المأمورات ، ويصحّ أن المراد بالتقوى امتثال المأمورات الواجبة وترك المنهيات المحرمة ، وابتغاء الوسيلة ما يقربه إليه مطلقاً ، ومن جملة ذلك : محبة أنبياء الله وأوليائه ، والصدقات ، وزيارة أحباب الله ، وكثرة الدعاء ، وصلة الرحم ، وكثرة الذكر وغير ذلك ، فالمعنى كل ما يقربكم إلى الله فألزموه ، واتركوا ما يبعدكم عنه ، إذا علمت ذلك ، فمن الضلال البين والخسران الظاهر ، تكفير المسلمين بزيارة أولياء الله ، زاعمين أن زيارتهن من عبادة غير الله ، كلا بل هي من جملة المحبة في الله التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا لا إيمان لمن لا محبة له والوسيلة له التي قال الله فيها وابتغوا إليه الوسيلة " . قوله : { وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ } عطف خاص على عام ، إشارة إلى أن الجهاد من أعظم الطاعات ، وهو قسمان : أصغر وهو قتال المشركين ، وأكبر وهو الخروج عن الهوى والنفس والشيطان ، وكان قتال المشركين جهاداً أصغر لأنه يحضر تارة ويغيب أخرى ، وإذا قتلك الكافر كنت شهيداً ، وإن قتلته صرت سعيداً ، بخلاف النفس فلا تغيب عنك وإذا قتلتك صرت من الأشقياء ، نسأل الله السلامة . قوله : ( تفوزون ) أي تظفرون بسعادة الدارين . قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } هذا كالدليل لما قبله ، كأن الله يقول الزموا التقوى ليحصل لكم الفوز ، لأن من لم تكن عنده التقوى كالكفار ، لا ينفعه الفداء من العذاب الخ . قوله : { لَوْ أَنَّ لَهُمْ } لو شرطية ، وفعل الشرط محذوف قدره المفسر بقوله : ( ثبت ) { أَنَّ } وما دخلت عليه فاعل ثبت ، و { لَهُمْ } خبر أن مقدم ، و { مَّا فِي ٱلأَرْضِ } اسمها مؤخر ، و { جَمِيعاً } توكيد له أو حال منه ، و { مِثْلَهُ } معطوف على اسم { أَنَّ } وقوله : { لِيَفْتَدُواْ } علة له ، وقوله : { بِهِ } أي بما ذكر وهو { مَّا فِي ٱلأَرْضِ } ومثله أو حذفه من الأول لدلالة الثاني عليه على حد : فإني وقيار بها لغريب ، والتقدير لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ليفتدوا به ، ومثله معه ليفتدوا به ، وقوله : { مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ } جواب الشرط ، و { لَوْ } مع مدخولها في محل رفع خبر أن الأولى . والمعنى لو ثبت أن للكفار ما في الأرض جميعاً ، ومثله معه ، ويريدون الافتداء بذلك من العذاب ما نفعهم ذلك ، وهو كناية عن عدم قبولهم ، وعدم نفع عز الدنيا لهم . قوله : ( يتمنون ) أي حيث يقولون يا مالك ليقض علينا ربك . قوله : { وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } دفع بذلك ما يتوهم من قوله : { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أنه ربما ينقطع .