Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 49-51)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ } الواو حرف عطف ، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر معطوف على الكتاب ، التقدير وأنزلنا إليك الكتاب والحكم والفعل وإن كان أمراً لفظاً ، إلا أنه في معنى المضارع ليفيد استمرار الحكم ، وليس هذا مكرراً مع قوله فاحكم بينهم بما أنزل الله ، لأن ما تقدم في شأن رجم المحصنين ، وما هنا في شأن الدماء والديات ، لأن سبب نزولها ، أن بني النضير أعطوهم مائة وأربعين وسقاً ، فقال لهم رسول الله : " أنا أحكم أن آدم القرظي كدم النضري ، ليس لأحدهم فضل على الآخر في دم ولا عقل ولا جراحة " ، فغضب بنو النضير وقالوا لا نرضى بحكمك فإنك تريد صغارنا . قوله : { وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ } سبب نزولها ، أن كعب بن أسيد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس قال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه ، فأتوه فقالوا يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وساداتهم ، وأنا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولم يخالفونا ، وأن بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم إليك ، فاقض لنا عليهم نؤمن بك ونصدقك ، فأبى رسول الله ، فنزلت الآية ، وقوله : { أَن يَفْتِنُوكَ } مفعول لأجله على تقدير لام العلة ولا النافية ، وهو ما مشى عليه المفسر ، ويحتمل أنه بدل اشتمال من الهاء في احذرهم ، والمعنى احذرهم فتنتهم ، والخطاب له صلى الله عليه وسلم ، والمراد غيره لعصمته من الفتنة . قوله : { بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } أي لا بجميعها ، فعقابهم في الدنيا بالقتل والسبي والجلاء ، إنما هو ببعض ذنوبهم ، وأما في الآخرة فيجازيهم على الجميع كما قال المفسر ، لأن العذاب المنقضي وإن طال لا يكفي جزاء لذنوب الكافر جميعها ، كما أن نعيم الدنيا وإن كثر ليس جزاء لأعمال المؤمن الصالحة ، وإن عذب في الدنيا بمرض أو غيره ، فهو جزاء لأعمال المؤمن السيئة ، والنعيم في الدنيا للكافر قد يكون جزاء لما عمل من الصالحات كالصدقات مثلاً . قوله : ( ومنها التولي ) أي الإعراض عن حكمه صلى الله عليه وسلم . قوله : { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَاسِقُونَ } أي خارجون عن دائرة الحق ، وتقدم أن بعث النار من كل ألف واحد ناج ، والباقي خارج عن حدود الله ، والمعنى تسل يا محمد فإن الغالب في الناس الفسق ، فلا خصوصية لليهود بذلك . قوله : { أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أيتولون عند فيبتغون حكم الجاهلية ، فحكم مفعول ليبغون . قوله : ( بالياء والتاء ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( استفهام إنكاري ) أي فهو بمعنى النفي ، والمعنى لا يبغون حكم الجاهلية منك على سبيل الظفر به لعصمتك . قوله : ( أي لا أحد ) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي ، والآية كالدليل لما قبلها . قوله : ( عند قوم ) أشار بذلك إلى أن اللام بمعنى عند . قوله : { بِهِ } قدره إشارة إلى أن مفعول يوقنون محذوف ، والضمير عائد على حكم الله . قوله : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ } الخ ، النهي لكل من أظهر الإيمان وإن كان في الباطن خالياً من الإيمان ، وسبب نزولها " أن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وعبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين اختصما فقال عبادة إن لي أولياء من اليهود كثيراً عددهم ، شديدة شوكتهم ، وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من ولاية اليهود ولا مولى لي إلا الله ورسوله ، فقال عبد الله بن أبي إني لا أبرأ من ولاية اليهود ، فإني أخاف الدوائر ولا بد لي منهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أبا الحباب ما نفست به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت هو لك دونه " ، فقال إذاً أقبل " فنزلت ، واتخذ بنصب مفعولين : اليهود والنصارى مفعول أول ، وأولياء مفعول ثان . قوله : { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } جملة مستأنفة ، والمعنى بعض كل فريق أولياء البعض الآخر من ذلك الفريق ، لأن بين اليهود والنصارى العداوة الكبرى . قوله : { فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } أي لأنه لا يوالي أحد أحداً إلا وهو عنه راض ، فإذا رضي عنه وعن جينه صار من أهل ملته ، وأما معاملتهم مع كراهتهم فلا ضرر في ذلك . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } علة لكون من يواليهم منهم . قوله : ( كعبد الله بن أبي ) أي وأصحابه . قوله : ( معتذرين عنها ) أي الموالاة .