Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 54-55)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } هذا تحذير عام لكل مؤمن من موالاة الكفار ، وبيان عاقبة من والاهم ومال إلى دينهم . قوله : { مَن يَرْتَدَّ } من اسم شرط جازم ، ويرتد فعل الشرط ، وجوابه قوله : { فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ } الخ ، والجملة خبر المبتدأ . قوله : ( بالفك والإدغام ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( قد ارتدّ جماعة بعد موت النبي ) أي وهم ثمان فرق : سبعة في خلافة أبي بكر ، وفرقة في زمن عمر ، وارتد ثلاث فرق أيضاً في زمن رسول الله ، بنو مدلج ورئيسهم ذو الحمار لقب به لأنه كان له حماراً يأتمر بأمره وينتهي بنهيه ، وهو الأسود العنسي بفتح العين وسكون النون ، وكان كاهناً تنبأ باليمن واستولى على بلاده ، وأخرج عمال رسول الله ، فكتب الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وسادات اليمن ، فأهلكه الله تعالى على يد فيروز الديلمي فبيته وقتله ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وسادات اليمن ، فأهلكه الله تعالى على يد فيروز الديلمي فبيته وقتله ، فأخبر رسول الله بقتله ليلة قتله ، فسرَّ المسلمون بذلك ، وقبض رسول الله من الغد ، وأتى خبر قتله في آخر ربيع الأول ، وبنو حنيفة وهم قوم مسيلمة الكذاب ، تنبأ وكتب إلى رسول الله : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله ، أما بعد فإن الأرض نصفها لي ، ونصفها لك ، فكتب إليه رسول الله : من محمد إلى رسول الله ، إلى مسيلمة الكذاب ، أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، والعاقبة للمتقين ، وهلك في خلافة أبي بكر على يد وحشي غلام مطعم بن عدي قاتل حمزة فكان يقول قتلت خير الناس في الجاهلية ، وشر الناس في الإسلام ، وبنو أسد وهم قوم طلحة بن خويلد تنبأ ، فبعث إليه رسول الله خالد بن الوليد فقاتله ، فانهزم بعد القتال إلى الشام ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه ، والسبع اللاتي في خلافة أبي بكر الصديق هم : فزارة قوم عيينة بن حصن الفزاري ، وغطفان قوم قرة بن سلمة القشيري ، وبنو سليم يربوع قوم مالك بن بريدة اليربوعي ، وبعض تميم وكندة قوم الأشعث بن قيس الكندي ، وبنو بكر بن وائل ، فكفى الله أمرهم على يد أبي بكر الصديق حين خرج لقتالهم حيث منعوا الزكاة ، فكره ذلك الصحابة وقالوا هم أهل القبلة فكيف نقاتلهم ؟ فتقلد أبو بكر سيفه وخرج وحده ، فلم يجدوا بداً من الخروج على أثره ، فقال ابن مسعود : كرهنا ذلك في الابتداء وحمدناه في الانتهاء ، وقال بعض الصحابة : ما ولد بعد النبيين أفضل من أبي بكر ، لقد قام مقام نبي من الأنبياء في قتال أهل الردة . والفرقة التي ارتدت في زمن عمر بن الخطاب هم غسان ، فكفى الله أمرهم على يد عمر رضي الله عنه . قوله : ( بدلهم ) أي بدل المرتدين ، فالضمير عائد على من باعتبار معناها ، وأشار بع إلى الرابط بين المبتدأ وخبره ، وهذا لا يحتاج له إلا على قول بأن الجزاء وحده هو الخبر ، وأما على القول بأن الخبر هو مجموع فعل الشرط والجزاء أو الفعل وحده ، فلا حاجة لتقديره ، لأنه موجود في يرتد . قوله : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } معنى محبة الله لهم إقامتهم له في خدمته مع الرضا والإثابة ، ومعنى محبتهم لله موالاة طاعته وتقديم خدمته على كل شيء ، ولما كانت محبتهم لله ناشئة عن محبة الله لهم ، قدم محبة الله لهم . قال العارف رضي الله عنه على لسام الحضرة العلية : @ أَيُّهَا المعْرِضُ عَنَّا إنَّ أَعْرَاضَكَ مِنَّا لَوْ أَرَدْنَاكَ جَعَلْنَا كُلّ مَا فِيكَ يُرِدْنَا @@ قوله : ( وأشار إلى أبي موسى الأشعري ) أي فالقوم الأشعريون ، وقيل هم أبو بكر وأصحابه الذين باشروا قتال المرتدين ، والأقرب أن الآية عامة لأصحاب رسول الله ومن كان على قدمهم إلى يوم القيامة بقرينة التسويف . قوله : { أَذِلَّةٍ } جمع ذليل وقوله : ( عاطفين ) أشار به إلى أن أذلة مضمن معنى عاطفين لتعديته بعلى ، والمعنى متواضعين لأنهم مغلظين على الكفار ، ومن هذا المعنى قوله تعالى : { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } [ الفتح : 29 ] . قوله : { يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي لإعلاء دينه . قوله : { وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ } تعريف بالمنافقين ، فإنهم كانوا إذا خرجوا في جيش المسلمين خافوا أوليائهم اليهود لئلا يحصل منهم اللوم لهم . قوله : { ذٰلِكَ } ( المذكور ) أي من الأوصاف الستة . قوله : ( ونزل لما قال ابن سلام الخ ) أي لما أسلم هجره قومه قريظة وبنو النضير . قوله : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ } الخطاب لعبد الله بن سلام وأتباعه الذين هداهم الله إلى الإسلام ، فلما نزلت هذه الآية ، قال عبد الله بن سلام : رضيت بالله رباً ، وبرسوله نبياً ، وبالمؤمنين أولياء ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فكل من انتسب لله فهو وليه ، قال تعالى : { ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ البقرة : 257 ] . قوله : { وَرَسُولُهُ } أي لأنه الواسطة العظمى في كل نعمة ، وقوله : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي لكونهم الإخوان ، فمن تخلى عنه رسول الله أو المؤمنون فهو هالك ، لأن موالة الثلاثة شرط في صحة الإيمان . قوله : { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ } بدل من الذين قبله ، ومعنى إقامة الصلاة أداؤها بشروطها وأركانها وآدابها . قوله : { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ } أي الحقوق التي عليهم في أموالهم . قولهم : { وَهُمْ رَاكِعُونَ } الجملة حالية من يقيمون ويؤتون ، وقوله : ( خاشعون ) أي فأطلق الركوع وأراد لازمه وهو الخشوع . قوله : ( أو يصلون صلاة التطوع ) أي فالمراد بالركوع صلاة النوافل وخصها بالذكر ، لأن نفل الصلاة أفضل من نفل غيرها ، وعليه فجملة وهم راكعون معطوفة على ما قبلها ، فتحصل أنه وصفهم بأوصاف ثلاثة : إقامة صلاة الفرائض ، وإيتاء الزكاة ، وصلاة النوافل ، وقيل قوله وهم راكعون حال من فاعل يؤتون الزكاة ، والمراد بها ما يشمل صدقة التطوع والركوع على حقيقته ، والمراد كمال رغبتهم في الإحسان ومسارعتهم إليه ، روي أنها نزلت في علي كرّم الله وجهه حين سأله سائل وهو في الصلاة فنزع خاتمه وأعطاه له .